والبداهَةُ ، على البَدَلِ ، وزاد أَبو زيد : بُدَّاءَة كتُفَّاحة ، وزاد ابنُ منظور : البِدَاءَة بالكسر مهموزاً ، وأَما البِدَايَةُ ، بالكسر والتحتيَّةِ بدلَ الهمرة. فقال المطرزيُّ : لُغةٌ عامِّيَّة ، وعدَّها ابن بَرّيٍّ من الأَغلاط ، ولكن قال ابنُ القَطَّاع : هي لغةٌ أَنصاريّة ، بَدَأْتُ بالشيءِ وبَدِيتُ به : قَدَّمته : وأَنشد قولَ ابنِ رَوَاحَة :
باسمِ الإلَهِ وَبِهِ بَدِينَا |
|
وَلَوْ عَبَدْنَا غَيْرَهُ شَقِينَا (١) |
ويأْتي للمصنف بديت في المعتل ، ولك البَدِيئَةُ كَسِفينة ، أَي لك أَن تَبْدَأَ قبلَ غيرِك في الرَّمْيِ وغيرِه.
والبَدِيئَةُ : البَدِيهَةُ على البدَلِ ، كالبَدَاءَةِ والبَدَاهة ، وهو أَوَّلُ ما يَفْجَؤُكَ ، وفلان بَدَاءَةٍ جَيّدةٍ ، أَي بديهة حَسنة ، يُورِد الأَشياءَ بسابقِ ذِهنه. وجمع البَدِيئة البَدَايَا ، كبريئة وَبَرَايا ، حكاه بعضُ اللغوِيِّين.
والبَدْءُ والبَدِيءُ : الأَوَّلُ ، ومنه قولهم افْعَلْهُ بَدْءًا وَأَوَّلَ بَدْءٍ عن ثعلب ، وَبَادِيَ بدْءٍ على فَعْلٍ ، وَبَادِيَ بفتح الياء فيهما بَدِيٍّ كغني (٢) ، الثلاثة من المُضافاتِ ، وبادِي بسكون الياءِ ، كياء مَعْدِيكَرِب ، وهو اسم فاعلٍ من بَدِيَ كَبَقِيَ لُغةٌ أَنصاريّة ، كما تقدم بَدْأَةَ بالبناء على الفتح وبدْأَةَ ذِي بَدْءٍ ، وَبَدْأَةَ وَبَدَاءَ بالمدّ ذِي بَدي على فعل وَبادِيَ بفتح الياء بَدِئٍ ككتف وبَدِىءَ ذي بَدِىءٍ كأَمير فيهما ، وبادِئَ بفتح الهمزة بَدْءٍ على فعلٍ وبَادئَ بفتح الهمزة ، وفي بعض النسخ بسكون الياءِ بَدَاءٍ كَسَماءٍ وبَدَا بَدْءٍ وبَدْأَةَ بَدَأَةَ بالبناء على الفتح ، وبَادِي بسكون الياء في موضع النصب ، هكذا يتكلَّمون به بَدٍ كَشجٍ ، وَبَادِي بسكون الياء بَدَاءٍ كَسَماءٍ ، وجَمْعُ بَدٍ مع بَادِي تأْكيدٌ ، كجمعه مع بَدَا ، وهكذا باقي المُركَّبات البنائيّة ، وما عداها من المُضافاتِ ، والنُّسخُ في هذا الموضع في اختلافٍ شديدٍ ومُصادمَة بعضُها مع بعضٍ ، فليكن الناظِرُ على حَذرٍ منها (٣) ، وعلى ما ذكرناه من الضَّبْطِ الاعتمادُ إِن شاءَ الله تعالى أَي أَوَّلَ شيءٍ ، كذا في نُسخةٍ صحيحةٍ ، وفي اللسان : أي أَوَّلَ أَوّلَ ، وفي نسخةٍ أُخرى : أَي أَوَّل ، وفي نسخة أُخرى : أَي أَوَّلَ كلِّ شيءٍ ، وهذا صَرِيح في نَصبِه على الظرفيَّة ، ومُخالِفٌ لما قالوا : إِنه منصوبٌ على الحالِ من المفعولِ ، أَي مَبْدُوءاً به قبل كُل شيءٍ ، قال شيخنا : ويصحّ جعلُه حالاً من الفاعل أَيضاً ، أَي افعَلْهُ حالةَ كونِك بادِئاً ، أَي مُبتدِئاً.
ويقال رَجَع. يحتمل أَن يكون مُتعدِّياً فيكون عَوْدَه منصوباً على بَدْئِه ، وكذا عوداً على بَدْءٍ. وفَعلَه في عَوْدِه وبَدْئِه ، وفي عَوْدَتِه وبَدْأَتِه ، وَعَوْداً وَبَدءَا ، أَي رَجع في الطَّرِيق الذي جاءَ منه (٤). وفي الحديث «أَن النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نَفَل في البَدْأَةِ الرُّبُع ، وفي الرَّجْعَةِ الثُّلُث» ، أَراد بالبَدْأَة ابتداءَ سَفَرِ الغَزْوِ ، وبالرَّجْعَةِ القُفُولَ منه (٥). وفي حديث علي رضياللهعنه : لقد سَمِعْتُه يقول : «ليَضْرِبُنَّكُمْ على الدِّينِ. عَوْداً كَما ضَرَبْتُموهُم عليه بَدْءًا» أَي أَوَّلاً ، يعني العَجَم والمَوَالِيَ.
وفلان ما يُبدِئُ وما يُعِيد أَي ما يَتَكَلَّم ببادِئَةٍ ولا عائِدَةٍ. وفي الأَساس أَي لا حِيلةَ له (٦) ، وبادِئَةُ الكلامِ : ما يُورِدُه ابتداءً ، وعائِدتُه : ما يَعُودُ عليه فيما بَعْدُ. وقال الزجَّاجُ في قوله تعالى : (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) (٧) ما في موضِعِ نَصْب أَيْ أَيَّ شيءٍ يُبْدِىءُ الباطلُ وَأَيَّ شَيء يُعِيدُ (٨).
والبَدْءُ : السَّيِّدُ الأَوَّلُ في السِّيادة ، والثُّنْيَانُ : الذي يَلِيه في السُّودَدِ ، قال أَوْسُ بن مَغْرَاءَ (٩) السَّعْدِيُّ :
ثُنْيَانُنَا إِنْ أَتَاهُمْ كَانَ بَدْأَهُمْ |
|
وَبَدْؤُهُمْ إِنْ أَتَانَا كَانَ ثُنْيانَا |
__________________
(١) بعده في اللسان (بدا) : وحبّذا ربّا وحبّ دينا.
(٢) في اللسان : قالوا : افعله بَدْءَاً وأَوّلَ بَدْءٍ عن ثعلب ، وبادِيءَ بِدءٍ وبادي بدٍ لا يهمز. قال : وهذا نادر لأنه ليس على التخفيف القياسي ، ولو كان كذلك لما ذكر ههنا.
(٣) انظر القاموس واللسان فيما نقله عن الصحاح.
(٤) في اللسان : وتقول : افعل ذلك عَوْداً وَبَدْءًا. ويقال : رَجَع عَوْده على بَدْئِه : إذا رجع في الطريق الذي جاء منه.
(٥) زيد في اللسان : والمعنى كان إذا نهضت سرية من جملة العسكر المقبل على العدو فأوقعت بطائفة من العدو فما غنموا كان لهم الربع ... وإذا فعلت ذلك عند عود العسكر كان لهم من جميع ما غنموا الثلث.
(٦) في الأساس : إذا لم يكن له حيلة. قال عبيد :
أقفر من أهله عبيدُ |
|
فاليوم لا يبدي ولا يعيدُ |
(٧) سورة سبأ : ٤٩.
(٨) زيد في اللسان : وتكون ما نفياً ، والباطل هنا إبليس ، أي ما يخلق إبليسُ ولا يبعثُ.
(٩) بالأصل : معرى تحريف. والتصحيح عن أمالي القالي ٢ / ١٧٢ وصدر البيت في المقاييس والمجمل :
ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهُمُ