وعليه العلّامة في جملة من كتبه (١) ، وعزاه في الحدائق (٢) إلى جمهور المتأخّرين ، بل لا يوجد خلاف في المسألة إلّا ما عن نهاية العلّامة (٣) من استثناء سؤر آكل الجيف من الطير ، وما عن المرتضى (٤) وابن الجنيد (٥) من استثناء الجلّال ، وما عن الشيخ في التهذيبين من المنع من الوضوء والشرب من سؤر غير مأكول اللحم عدا السنّور والطير كما في التهذيب (٦) ، أو غير الفأرة والطيور من البازي والصقر والعقاب وغيرها كما في الاستبصار (٧) ، معلّلا له فيه بمشقّة الاحتراز عنها.
وعنه أيضا في المبسوط (٨) المنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الغير الآدميّ والطيور إلّا ما لا يمكن التحرّز عنه ، كالهرّة والفأرة ، وربّما نقل ذلك عن المهذّب (٩) أيضا.
وعن ابن إدريس أنّه حكم بنجاسة سؤر ما أمكن التحرّز عنه ممّا لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر غير الطيور ، قائلا بأنّه : « لا بأس بأسآر الفأر والحيّات وجميع حشرات الأرض » (١٠).
ولا يخفى ما في هذا القول من السقوط لضعفه ، ومخالفته الاصول المحكمة المجمع عليها ، والقواعد المتقنة السليمة عمّا يصلح لمعارضتها ، وخصوصا ما تقدّم من الإجماع الّذي ادّعاه في الأطعمة والأشربة الحاصر للنجاسة المانعة عن الاستعمال في سؤر الكلب والخنزير ، ولعلّه هنا وقع منه خطأ فالتفت إليه في الباب المذكور فعدل عنه مدّعيا على خلافه الإجماع ، كيف لا ونجاسة السؤر تتبع نجاسة ذيه ، ولا يظنّ أنّه قائل بنجاسة ما عدا الكلب والخنزير من أنواع الحيوانات والطيور ـ لكونه في غير ما وقع الخلاف في نجاسته ممّا تقدّم الإشارة إليه ـ على خلاف الطريقة المستمرّة بين المسلمين المعلومة
__________________
(١) كما في تذكرة الفقهاء ١ : ٣٩ ؛ ونهاية الإحكام ؛ ١ : ٢٣٨ ومختلف الشيعة ١ : ٢٢٩.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ٤٢٩.
(٣) والظاهر أنّه سهو منه رحمهالله ، لأنّ الّذي استثنى سؤر آكل الجيف هو الشيخ رحمهالله في النهاية ١ / ٢٠٣ وأمّا العلّامة رحمهالله فهو من القائلين بكراهته سؤره كما في نهاية الإحكام ١ : ٢٣٩.
(٤) قال المحقّق في المعتبر ـ بعد نسبة القول بالكراهة إليه في جمل العلم والعمل ـ : « واستثناه من المباح في المصباح » انظر المعتبر : ٢٤.
(٥) مختلف الشيعة ١ : ٢٢٩.
(٦) التهذيب ١ : ٢٢٤.
(٧) الاستبصار ١ : ٢٥.
(٨) المبسوط ١ : ١٠.
(٩) المهذّب ١ : ٢٥.
(١٠) السرائر ١ : ٨٥.