وملخّصه : منع ما استحاله المستدلّ من إفادة المتنجّس طهر متنجّس غيره ، وسنده عدم المنافاة بين نجاسة المطهّر المكتسبة عن المتنجّس الّذي يطهّره وبين طهارة ذلك المتنجّس بهذا المطهّر ، كما كشف عنه الشرع في القليل المطلق المستعمل في إزالة النجاسة ، ومعه انهدم بنيان الاستدلال الّذي مبناه على الاستحالة العقليّة ، وإن لم يوجب بنفسه ثبوت مدّعى الخصم ، نظرا إلى أنّ الاحتمال مبطل لمثل هذا الاستدلال.
ومنها : أنّها طهارة تراد لأجل الصلاة ، فلا تجوز إلّا بالماء كطهارة الحدث ، بل اشتراط الماء هنا أولى ، لأنّ اشتراطه في النجاسة الحكميّة يعطي أولويّة اشتراطه في النجاسات الحقيقيّة.
وضعفه واضح ، وإن قال العلّامة في توجيهه : بأنّه استدلال بالاقتضاء ، فإنّ التنصيص على الأضعف يقتضي أولويّة ثبوت الحكم في الأقوى ، كما في دلالة تحريم التأفيف على تحريم الضرب ، لمنع كونه أقوى بعد ملاحظة أنّه يعتبر في النجاسة الحكميّة ما لا يعتبر في الحقيقيّة كالنيّة وغيرها من الشرائط المقرّرة في محالّها.
ومنها : أنّ منع الشرع في استصحاب الثوب النجس مثلا في الصلاة ثابت قبل غسله بالماء ، فيثبت بعد غسله بغير الماء أيضا بحكم الاستصحاب ، وهذا أمتن وإليه يرجع ما اعتمدنا عليه من الأصل ، وإن اعترض شارح الدروس : « بأنّ الاستصحاب إنّما يكون حجّة إذا كان دليل الحكم غير مقيّد بوقت دون وقت وليس المقام كذلك ، إذ العمدة في إثبات المنع المذكور بطريق العموم الإجماع ، وهو في منع استصحاب النجس قبل الغسل مطلقا ، لا قبل الغسل بالماء » (١) فإنّ هذا التشكيك مدفوع بما قرّر في الاصول.
وعن المرتضى الاحتجاج بوجوه :
الأوّل : الإجماع ، وضعفه بعد ملاحظة مصير المعظم إلى المخالفة واضح ، وأمّا نسبة ذلك إلى مذهبنا فعن المحقّق أنّه وجّهه : « بأنّ مذهبنا العمل بالبراءة الأصليّة ما لم يثبت الناقل ، وهنا لم يثبت » (٢) قيل : ولو لا هذا التوجيه لظنّنا موافقة بعض من تقدّم عليهما
__________________
(١) مشارق الشموس : ٢٦٠.
(٢) المسائل المصريّة (الرسائل التسع ـ للمحقّق الحلّي ـ ٢١٦) ، ... انظر كتاب طهارة للشيخ الأنصاري رحمهالله ١ : ٢٩٧.