السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) (١) بتقريب : أنّه خصّ التطهير بالماء بقرينة وروده مورد الامتنان ، فلو وقع بغيره لكان الامتنان بالأعمّ أولى ، ولم تكن للتخصيص فائدة ، وقضيّة ذلك كلّه أن لا يقع بغيره ، ولا يخفى وهنه.
أمّا أوّلا : فلأنّ الامتنان معلّق على حيثيّة الإنزال من السماء لأجل فائدة التطهير لا على مجرّد جعل تلك الفائدة في الماء ، ولا ريب أنّ هذه الحيثيّة المحقّقة للامتنان مختصّة بالماء.
وحاصل معنى الآية : « أنّ إنزال الماء من السماء إنّما هو لأجل تطهيركم به » ولا ريب أنّ هذا المعنى لا ينافي حصول التطهير بغير الماء أيضا ، وإلّا يرد النقض بالصعيد الّذي يحصل به التطهير أيضا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ المضاف أيضا بجميع أقسامه أصله من الماء كما يظهر بأدنى التفات ، فحصول التطهير به لا ينافي قصد الامتنان بكون الماء منزّلا لحصول التطهير به ، لرجوعه بالأخرة إليه من جهة استناده إليه بحسب أصله.
واعترض أيضا : بأنّه يجوز أن يخصّ أحد الشيئين الممتنّ بهما بالذكر ، لكونه أبلغ وأكثر وجودا وأعمّ نفعا.
ومنها : رواية أبي بصير المرويّة في التهذيبين عن أبي عبد الله عليهالسلام عن الرجل يكون معه اللبن ، أيتوضّأ منه للصلاة؟ قال : « لا إنّما هو الماء والصعيد » (٢) بتقريب : أنّ كلمة « إنّما » للحصر ، فتفيد انتفاء التطهّر بغير الماء والصعيد.
وعن الصدوق الاحتجاج بما رواه في التهذيب عن محمّد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن عليهالسلام قال : قلت له : الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضّأ به للصلاة؟ قال : « لا بأس بذلك » (٣).
ويضعّف : باشتمال سنده على سهل بن زياد وهو عامّي ، ومحمّد بن عيسى عن يونس ، وقد نقل الصدوق عن شيخه محمّد بن الوليد أنّه لا يعتمد على حديث محمّد بن
__________________
(١) الأنفال : ١١.
(٢) الوسائل ١ : ٢٠١ ب ١ من أبواب الماء المضاف ح ١ ـ التهذيب ١ : ١٨٨ / ٥٤٠.
(٣) الوسائل ١ : ٢٠٤ ب ٣ من أبواب الماء المضاف ح ١ ـ التهذيب ١ : ٢١٨ / ٦٢٧.