والحصر ، كما يفصح عنه اختلافها زيادة ونقيصة في الاشتمال على الأوصاف الثلاثة.
فما عن المعتبر من قوله : « وكلّه ينجّس باستيلاء النجاسة عليه ، ونريد باستيلاء النجاسة غلبة ريحها على ريح الماء وطعمها على طعمه ولونها على لونه » (١) ، ليس بسديد إن أراد به الاشتراط.
والعجب عن شيخنا في الجواهر (٢) أنّه ـ بعد ما ذكر الاحتمالين في مفروض المسألة ـ قوّى الاحتمال الثاني استنادا إلى استصحاب الطهارة ، مع الاقتصار فيما خالف الأصل على القدر المتيقّن ، فإنّه كما ترى اجتهاد في مقابلة النصّ ، واتّكال بالأصل في موضع الدليل.
فعلى ما قوّيناه لو وقع في الماء نجاسات متعدّدة مختلفة اللون فحصل له من جهتها لون آخر غير موافق للون شيء منها كان نجسا ، ولا يقدح فيه مخالفة لونه لألوانها بحسب النوع.
بل وبما عرفت من التحقيق تعرف أنّه لو وقع فيه نجاسة لا وصف لها من حيث الجهات الثلاث المعهودة ، فامتزجت معه وأورثت فيه بمقتضى اختلاط مزاجيهما تغيّرا في إحدى من جهاته الثلاث كان نجسا ، بل قضيّة بعض ما سبق ـ مضافا إلى أنّ مورد أكثر روايات الباب إنّما هو الميتة أو الجيفة ـ عدم الفرق بين ما لو كان الوصف الغالب من النجاسة على وصف الماء من لوازم طبعها ومقتضيات ماهيّتها كحمرة الدم ونحوها ، أو من الطوارئ اللاحقة بها بعد انقضاء مدّة مثلا ، كنتن الجيفة الّتي أصلها الميتة ، وهي ما لم ينقض عنها زمان اقتضى فيها الفساد ممّا ليس لها وصف مغيّر.
وثالثها : لو وقع في الماء ما يغيّره وكان مردّدا بين الطاهر والنجس لا يخرج الماء عن طهارته الأصليّة ، للأصل السليم عن المعارض ، مع استصحاب الطهارة ، كما أنّه كذلك لو ظنّ بكونه نجسا ، ما لم يقم على اعتبار هذا الظنّ دليل بالخصوص ، ولو وقع فيه من النجس ما يصلح للتغيير فاستعقب تغيّرا في الماء مع عدم العلم باستناده إليه كان باقيا على طهارته ، كما أنّه لو وقع فيه ما شكّ في كونه صالحا للتغيير فتعقّبه التغيّر مع
__________________
(١) المعتبر : ٨.
(٢) جواهر الكلام ١ : ١٩٤.