والمحكيّ عن
فقه الرضا قال عليهالسلام : « وماء الحمّام سبيله الماء الجاري إذا كانت له مادّة
» . وجه الاستدلال بها واضح بعد حمل مطلقها على مقيّدها ، وقضيّة ذلك عدم
انفعال ماء الحمّام ـ أي ما في حياضه الصغار الغير البالغ كرّا ـ بمجرّد الملاقاة
عند اتّصاله بالمادّة.
وربّما يقال :
بأنّ في تنزيله منزلة الجاري في خبر ابن سرحان ، وتشبيهه بماء النهر في خبر ابن
أبي يعفور ، إشعارا باعتبار المادّة ، لأنّ لكلّ من الجاري والنهر مادّة فلا حاجة
فيهما إلى إعمال قاعدة الحمل.
وفيه : أنّ
التشبيه لا يقتضي المشاركة في مناط الحكم ، بل غايته المشاركة في أصل الحكم وإن
تغاير في المشبّه والمشبّه به ، ألا ترى أنّه لو قيل : « زيد كالأسد » لا يقتضي
إلّا المشاركة في الشجاعة ، نعم يمكن الاستناد في اعتبار ذلك في المطلقات إلى
الغلبة كما توهّم ، إذ الغالب في الحمّامات وجود المادّة وأمّا ضعف أسانيد جملة
منها فمجبور بالعمل في الجملة ، فلا يعبأ بما في المدارك من القدح في
سند رواية بكر بن حبيب لجهالة بكر.
مضافا إلى أنّ
من رجال السند صفوان بن يحيى ، فلا ضير في ضعف من قبله ، وقد يوصف السند بالحسن ،
ولعلّ وجهه ما استظهره بعض مشايخنا من احتمال كون بكر بن حبيب هنا هو بكر بن محمّد بن حبيب
، وقد ذكر في ترجمته ما تدلّ على حسنه ، وربّما نقل عن الكشّي
توثيقه وإن أنكره بعضهم ، ولكن الاستظهار غير واضح الوجه ، وقد يؤيّد السند ـ مضافا
إلى ما ذكرنا في صفوان ـ بما عن الشيخ في العدّة من أنّه قال في حقّه : « أنّه لا
يروي إلّا عن ثقة » .
وفيه : أنّ
صفوان يرويه هنا عن ابن حبيب بواسطة منصور بن حازم ، فأقصى ما يقتضيه ما ذكر هنا
وثاقة الواسطة ـ مع عدم الحاجة في ثبوت وثاقته إلى ذلك لكونه بنفسه ثقة جليلا ـ لا
وثاقة ابن حبيب ، إلّا أن يقال بذلك فيه أيضا من جهة رواية منصور عنه ، نظرا إلى
ما قيل فيه : « من أنّه ثقة عين صدوق ، من أجلّة أصحابنا
__________________