وعن القاموس : « الطهور » المصدر واسم ما يتطهّر به ، والطاهر المطهّر » (١) ، وعن الترمذي وهو من أئمّة اللغة ، أنّه قال : « الطهور بالفتح من الأسماء المتعدّية وهو المطهّر غيره » (٢) ، وفي الحدائق ـ عن بعض مشايخه ـ : « أنّ الشافعيّة نقلت ذلك عن أهل اللغة (٣) ، وعنه أيضا : « أنّه نقله عن الترمذي ، وعن المعتبر أنّه نقله عن بعض أهل اللغة » (٤).
وعن المصابيح ـ للسيّد مهدي ـ « أنّ المشهور بين المفسّرين والفقهاء وأئمّة اللغة أنّه بمعنى المطهّر أو الطاهر المطهّر » (٥).
قال الشيخ في التهذيب : « (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (٦) ، فأطلق على ما وقع اسم « الماء » عليه بأنّه « الطهور » ، و « الطهور » هو المطهّر في لغة العرب ، فيجب أن يعتبر كلّما يقع عليه اسم « الماء » بأنّه طاهر مطهّر إلّا ما قام الدليل على تغيّر حكمه ، وليس لأحد أن يقول : إنّ « الطهور » لا يفيد في لغة العرب كونه مطهّرا ، لأنّ هذا خلاف على أهل اللغة ، لأنّهم لا يفرّقون بين قول القائل : هذا ماء طهور ، وهذا ماء مطهّر إلى آخر ما حكينا عنه آنفا » (٧).
ولا يذهب عليك أنّ غرض الشيخ من أهل اللغة هنا ليس همّ النقلة للمتون ، الذين عرفت ذكر جملتهم ، ليكون مقصوده فيما ادّعاه الاستناد إلى قولهم ، بل مراده به أهل لسان العرب ، بدليل قوله : « لأنّهم لا يفرّقون بين قول القائل : هذا ماء طهور ، وهذا ماء مطهّر » فإنّ ظاهره عدم الفرق بين اللفظين بحسب الاستعمال العرفي ، وانفهام العرف عند الإطلاق ، لأنّه إنّما يعلم بالاستعمال دون النصّ اللغوي كما لا يخفى ، فيكون قوله المذكور كقول غيره نصّا في أمر لغوي ، فيكون بنفسه مثبتا للّغة معتبرا في حقّ غيره.
ولا ينافيه ما تقدّم عنه في دفع كلام من أنكر ورود « طهور » لهذا المعنى ، استنادا إلى ما سبق ذكره من إناطة كونه لهذا المعنى بعلّة فاسدة وهو كونه من مقتضى الوضع المبالغي في « فعول » ، لعدم استناده في أصل الدعوى إلى هذه العلّة ، كما فهمه صاحب
__________________
(١) القاموس المحيط ؛ مادّة « طهر » ٢ : ٧٩.
(٢ و ٦) الفرقان : ٤٨.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ١٧٧.
(٤) الحدائق الناضرة ١ : ١٧٧ ، المعتبر : ٧.
(٥) مصابيح الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط) ، الورقة : ٩ ، نقله عنه في جواهر الكلام أيضا ١ : ٦٤.
(٧) التهذيب ١ : ٢١٤.