نجاسة فإنّه ينجّس الماء ولا يجوز استعماله بحال » (١).
وكلامه الآخر أيضا في مسألة تطهير الثياب قائلا : « وإذا ترك تحت الثوب النجس إجانة ، وصبّ عليه الماء وجرى الماء في الإجانة ، لا يجوز استعماله لأنّه نجس » (٢).
فما في الحدائق (٣) ـ تبعا لشرح الدروس (٤) ـ من أنّه في الظاهر قوّى القول بالطهارة مطلقا ، ليس على ما ينبغي.
نعم ، عنه في الخلاف (٥) ، وأوّل المبسوط (٦) ، أنّه جزم بطهارة ماء الغسلتين من الولوغ ، ولكن الأمر فيه سهل لجواز رجوعه عنه إلى ما ذكر كما جزم به الاستاذ في الشرح (٧) المشار إليه.
ثمّ إنّ الغسالة في كلام هؤلاء القائلين بالنجاسة محتملة لكون حكمها حكم المحلّ قبل الغسل ، فيعتبر فيها العدد فيما يجب فيه التعدّد ، ولكون حكمها حكم المحلّ بعد الغسلة ، فيجب الغسل عنها في الغسلة الغير المستتبعة للطهر دون الغسلة المستتبعة له ، ولكون حكمها حكم المحلّ قبل الغسلة المستتبعة للطهر مطلقا ، فيجب الغسل عنها مرّة واحدة ولو من الغسلة الاولى ، ولم يظهر من كلامهم ما يقضي بإرادة المعنى الأوّل دون أحد الأخيرين ، فما في الحدائق (٨) من تفسيره القول بالنجاسة مطلقا بأنّ حكمها حكم المحلّ قبل الغسل ، لعلّه ليس في محلّه. كما أنّه كذلك ما حكاه في شرح الدروس (٩) عن بعض الأصحاب من حصره القول المذكور في الاحتمال الثاني ، وقد أصاب هو في جعله إيّاه محتملا للوجوه الثلاثة ، وأمّا تحقيق الكلام في ذلك فسنورده إن شاء الله.
وهذا القول هو الراجح في النظر ، وأقوى بالنظر إلى الواقع وأقرب إلى جادّة الاستنباط.
لنا عليه : وجود المقتضي وفقد المانع ، وكلّما كان كذلك يجب المصير إليه ، أمّا الكبرى : فواضحة ، وأمّا الصغرى : فلعموم الأدلّة الواردة في انفعال القليل ، مع ما ورد عليها ممّا خصّصها ، الدالّة على أنّ ملاقاة النجاسة بشرط القلّة سبب للانفعال ما لم يصادفها مانع عن التأثير ، من علوّ أو استعمال في الاستنجاء ، أو جريان عن النبع ـ بناء
__________________
(١) المبسوط ١ : ١١.
(٢) المبسوط ١ : ٣٧.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٤٨٢. (٤ و ٩) مشارق الشموس : ٢٥٤.
(٥) الخلاف ١ : ١٨١ المسألة ١٣٧. (٦) المبسوط ١ : ١٥.
(٧) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ـ ١ : ٣٢٤. (٨) الحدائق الناضرة ١ : ٤٧٧.