أنّه ليس في الروايات لا في كلام الأصحاب ، وهو كذلك كما قرّرناه » (١) انتهى.
وفيه ما فيه من ابتنائه إلى وهم فاسد سبق إليه ، وإلجائه إلى تصديق الجماعة فيما نسبوه إلى المعتبر وسنزيّفه إن شاء الله.
فالإنصاف : أنّه لم يتحقّق عندنا ما شهد بصحّة هذه النسبة ، ولم يثبت أنّ العفو ما يقول به في المعتبر ، والعبارة المتكفّلة لبيان هذه النسبة قد عرفت أنّها غير ثابتة عن المعتبر ، وهذا الكتاب وإن لم يحضرنا الآن لننظر في صحّة ما نسبوه وسقمه على ما ذكروه الجماعة المتقدّمة ، لكنّ المظنون أنّ ما نقله الشهيد في الذكرى تقطيع عن العبارة الّتي سمعت نقلها عن صاحب المدارك ، مبنيّ على الاشتباه والإغماض عن دقّة النظر ، وإلّا فهذه العبارة لا توافق شيئا من هذه النسبة ، وإن كانت هي أيضا ممّا اختلفت الأنظار في فهمها ، وأنّها هل تدلّ على أنّ مذهب المحقّق هو الطهارة ـ كما صرّح به في المدارك (٢) ، وجعله أظهر الاحتمالين في المعالم (٣) ـ أو على أنّ مذهبه العفو كما استظهره المحقّق الخوانساري في شرح الدروس (٤).
ولأجله صدّق الشهيد ومن تبعه فيما نسبوه إلى المعتبر حيث قال : « ثمّ كلامه هل هو صريح في الطهارة أم العفو؟ » فالّذي يتراءى ظاهرا من قوله : « ويدلّ على الطهارة الخ » الأوّل ، ولكن التأمّل يشهد بالثاني فيكون مراده بالطهارة العفو.
بيانه : أنّه أورد في الاستدلال رواية الأحول (٥) ، وظاهر أنّه لا تفاوت بينها وبين عبارة المرتضى في المعنى ، فحيث صرّح بأنّه ليس في عبارته تصريح بالطهارة فكيف يجوز أن يجعل الرواية دليلا عليها ، وأمّا دليله الآخر من رواية عبد الكريم (٦) فهو أيضا ليس تصريح في الطهارة ، لأنّ عدم تنجيسه الثوب لا يستلزم طهارته ، ـ إلى أن قال ـ : وإذ قد تقرّر هذا ، ظهر أنّ ما نسبه المصنّف في الذكرى إلى آخر ما نقلناه عنه سابقا » (٧).
وقوله : « وأمّا دليله الآخر من رواية عبد الكريم » الخ إنّما ذكر ذلك لأنّه حينما نقل
__________________
(١ و ٤) مشارق الشموس : ٢٥٣.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ١٢٥.
(٣) فقه المعالم ١ : ٣٢٦.
(٥) الوسائل ١ : ٢٢٢ ب ١٣ من أبواب الماء المضاف ح ٢ ـ علل الشرائع ١ : ٢٨٧.
(٦) الوسائل ١ : ٢٢٣ ب ١٣ من أبواب الماء المضاف ح ٥ ـ التهذيب ١ : ٨٦ / ٢٢٨.
(٧) مشارق الشموس : ٢٥٣.