هو خارج عن المتنازع ، لظهور السياق وكيفيّة السؤال في نزول المطهر وهو مطهّر غير منفعل ولو قليلا ، وأمّا التعليل الّذي هو محلّ الاستدلال فالإنصاف إنّا لا نفهم معناه ، ونظيره الكلام في رواية الأحوال الواردة في الاستنجاء ، فإنّ أصل الحكم فيها ممّا لا إشكال فيه ، لكون ماء الاستنجاء من مستثنيات القاعدة ، وتعليله بأكثريّة الماء من القذر غير مفهوم المعنى ، ولعلّ المراد بها فيهما الأكثريّة المعنويّة أي الزيادة في القوّة العاصمة ، أو أنّها حكم مخصوص بالمورد كما قيل به في المطر ، وسيلحقك زيادة بيان وتوضيح لذلك في بحث الغسالة ، عند دفع الاحتجاج بتلك الرواية على طهارة الغسالة ، وكيف كان فلو استفدنا منه شيئا ظاهرا فنحن نقول به حيث عاضده العمل ، وإلّا لا ينفكّ عن الوهن المانع عن العمل.
الطائفة الثانية : روايات وردت في موارد خاصّة بين ظاهرة في المطلب خصوصا ، وغير دالّة عليه نفيا وإثباتا ، وظاهرة في خلافه عند التحقيق في ثالثة.
منها : صحيحة ابن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الوضوء ممّا ولغ الكلب فيه والسنّور أو شرب منه جمل أو دابّة أو غير ذلك ، أيتوضّأ منه أو يغتسل؟ قال عليهالسلام : « نعم إلّا أن تجد غيره فتنزّه عنه » (١).
وفيه : أنّ التفصيل في التنزّه وعدمه بين وجدان الغير وعدمه ، وإن كان لا يلائم الانفعال ، ويقتضي كون الأمر بالتنزّه استحبابيّا مقتضيا لكراهة التوضّي ولكنّه لا يلائم تشريك الجمل والدابّة مطلقا بل السنّور في التنزّه أيضا ، ولو فرضناه مستحبّا ملازما لكراهة خلافه فالرواية بعضها يعارض بعضا ، فيضطرب معه الدلالة واعتبارها ، فتسقط عن صلاحية المعارضة لنصوص الانفعال وظواهره.
وبالجملة : فلو أخذنا منها بحكم الجواز المعلّق على عدم وجدان المقتضي للطهارة ، كانت معارضة بموثّقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال فيها : « ولا يشرب سؤر الكلب إلّا أن يكون حوضا كبيرا يستقى منه » (٢).
ومن هنا حملها الشيخ في التهذيب (٣) على ما بلغ الكرّ جمعا ، ولو أخذنا منها
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٢٨ ب ٢ من أبواب الأسآر ح ٦ ـ التهذيب ١ : ٢٢٦ / ٦٤٩.
(٢) الوسائل ١ : ٢٢٦ ب ١ من أبواب الأسآر ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٢٢٦ / ٦٥٠.
(٣) التهذيب ١ : ٢٢٦ / ٦٤٩ حيث قال في ذيل الخبر : « فليس في هذا الخبر رخصة فيما ولغ ـ