فهل لك أن تقول : بأنّ ما عرى عنهما ليس بماء ، أو أنّه ليس من الكرّ حتّى
لا يكون مشمولا للدليل ، أو تقول : بأنّ ذلك شرط خارج عنهما بكليهما معتبر معهما
في الحكم على حدّ سائر الشروط الواردة في الشريعة ، ولم يقم عليه من الشارع دلالة
ولا إشارة مع كون الحكم ممّا يعمّ به البلوى ، بل هو أعمّ ابتلاء من سائر
الشرعيّات.
وتوهّم : عدم
انصراف الهيئة التركيبيّة إلى نظائر المقام ، مع عدم اقترانها بما يوجب ذلك ،
وظهور سياقها في ورودها لإعطاء قاعدة كلّيّة مندرجة في قولهم عليهمالسلام : « علينا أن نلقي إليكم الاصول وعليكم أن تفرّعوا » الّتي لا تصلح
لذلك إلّا على تقدير كون موضوعها مأخوذا على وجه عامّ معبّر عنه بالماهيّة لا بشرط
شيء ، ممّا لا ينبغي الالتفات إليه.
وكلّ ذلك ممّا
يرفع الحاجة إلى التشبّث بالاعتبارات أو الاستبعادات المخرجة في المقام لتأييد هذا
المذهب ـ الّتي قد عرفت بعضها ـ كما أنّه ممّا يحسم مادّة الاستبعادات والاعتبارات
الاخر المخرجة لتأييد خلاف المذهب بالكلّيّة ، كما أنّه ممّا لا يفترق فيه الحال
بين أنواع الاختلاف ، ولا بين أوضاع الماء من علوّ أو دنوّ أو غيرهما ، فإنّ قضيّة
العموم تقوّم كلّ بعض من أبعاض الكرّ بالآخر كيفما اتّفق.
والقول : بأنّ
الأسفل والأعلى لو اتّحدا في الحكم للزم تنجيس كلّ أعلى طاهر متّصل بأسفل متنجّس
مع فرض قلّة المجموع وهو باطل ، فحيث إنّه لا ينجّس بنجاسته فلا يطهّر بطهارته ،
كما عرفته من المحقّق الكركي .
يدفعه : منع
الملازمة ، بعد ملاحظة قيام الدلالة على المقدّم دون التالي ، بل قيامها على خلافه
كما عرفته من الإجماع ، مع أنّا لا نقول : بأنّ العالي يطهّر بطهر السافل ، إذ ليس
بحثنا في مسألة التطهير ، بل نقول : إنّه لا ينفعل من جهة وجوده كما في صورة العكس
، وعدم كونهما متّحدين في سائر الأحكام لا يقضي بكونهما كذلك في مسألة التقوّم
والاعتصام ، لوضوح بطلان دعوى الملازمة ، كيف ولو لا ذلك اتّجه قبول الانفعال وهو
لكونه حكما مخالفا للأصل بل الاصول لا بدّ له من دلالة ، وأنّى لهم الدلالة عليه ،
مع
__________________