وعن بعضهم (١) تفسيره : بأنّ ما كان كلّ من طوله وعرضه عشرة أذرع في عمق بئر لا ينجّس ، فإن كان أقلّ نجس بالملاقاة للنجاسة ، وإن بلغ ألف قلّة.
وعن المتأخّرين من أصحابه (٢) القول بأنّ الاعتبار بحصول النجاسة علما أو ظنّا ، والحركة اعتبرت للظنّ ، فإن غلب ظنّ الخلاف حكم بالطهارة.
وعن الشيخين (٣) من أصحابنا والسيّد المرتضى (٤) وأتباعهم الذهاب إلى التقدير بالكرّ ، وعزاه إلى الحسن بن صالح بن حيّ عن محكي الطحاوي (٥) و (٦) ، ولعلّه لا خلاف في ذلك بين أصحابنا ، فهو الحقّ لوضوح فساد غيره ممّا ذكر ، مضافا إلى قيام أدلّة محكمة من الأخبار وغيرها على تقديره بالكرّ.
ومن جملة ذلك ما احتجّ به العلّامة في المنتهى قائلا : « لنا : ما رواه الجمهور عن النبيّ صلىاللهعليهوآله « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (٧) ، وفي رواية « لم يحمل خبثا » (٨) ومن طريق الخاصّة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (٩) ، ولأنّ الأصل الطهارة خرج ما دون الكرّ
__________________
(١) شرح فتح القدير ١ : ٧١ ، ٧٠ ـ بدائع الصنائع ١ : ٧١ ، ٧٣ ـ عمدة القاري ٣ : ١٥٩ ، المبسوط للسرخي ١ : ٧١ ، سبل السلام ١ : ١٧.
(٢) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ : ٣٤٠ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٤.
(٣) المفيد في المقنعة : ٨ والطوسي في المبسوط ١ : ٦.
(٤) الجمل والعلم (رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٢) ـ الانتصار : ٨.
(٥) هو : أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الأزديّ الحجريّ المصريّ الطحاويّ ، شيخ الحنفيّة ، روى عن هارون بن سعيد الأيلي وعبد الغني بن رفاعة وطائفة من أصحاب ابن عينية ، وروى عنه أحمد بن القاسم الخشّاب والطبراني ، له تصانيف كثيرة ، ولد سنة ٢٣٧ ه ومات سنة ٣٢١ ه تذكرة الحفّاظ ٣ : ٨٠٨ ؛ ـ شذرات الذهب ٢ : ٢٨٨ ـ ؛ وفيات الأعيان ١ : ٧١.
(٦) لم نعثر على حكاية الطحاوي فيما بأيدينا من المصادر ، ونقل السيد المرتضى في الانتصار : ٨ هذا القول من الكتاب الطحاوي الموسوم بـ « اختلاف الفقهاء ».
(٧) الفائق ٣ : ٢٥٨ ، غريب الحديث ـ للهروي ـ ١ : ٣٣٨.
(٨) سنن الترمذي ١ : ٩٧ ح ٦٧ ـ سنن النسائي ١ : ٤٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٧ ح ٦٣ ـ سنن البيهقي ١ : ٢٦١ ـ مسند أحمد ٢ : ١٢ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٤ ـ ١٥ ح ٢ ـ ٣.
(٩) الوسائل ١ : ١٥٨ ، ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ رواه في التهذيب ١ : ٤٠ / ١٠٩ بسند آخر ـ الاستبصار ١ : ٦ / ٢.