تأمل في هذه القرائن تطمئن نفسه بكونها مأثورة ، وتستبعد أن يكون مثل الشيخ المفيد أو من قبله يخترع زيارة بكيفيّة مخصوصة ، ويصرّح باختصاصها بيوم مخصوص من دون ورود أثر ، ثمّ يتلقاها العلماء مصرحّين باختصاصها به ، هذا ممّا لا يناسب نسبته إلى أصاغر أهل العلم فضلا عن إعلامهم.
ومن الغريب ـ بعد ذلك كله ـ ما ذكره المحقق المحدث البحراني في الدرّة الرابعة والثلاثين من كتابه الدرة النجفيّة ، حيث قال : ومنها : ما ذكره في مزار البحار ـ أيضا ـ عن السيد الزاهد العابد المجاهد رضي الدين ابن طاوس رضياللهعنه ، في كتاب مصباح الزائر في زيارة طويلة حيث قال فيها : ثم أعدل إلى موضع الرأس ، واستقبل القبلة ، وصل ركعتين صلاة الزيارة ، تقرأ في الأولى : الحمد وسورة الأنبياء ، وفي الثانية : الحمد وسورة الحشر ، أو ما تهيأ لك. إلى آخره.
أقول : وهذه الزيارة إمّا أن تكون من مرويّات السيّد قدس سرّه فيكون سبيلها سبيل الروايات المتقدمة ، أو تكون من إنشائه كما يقع منه كثيرا ، فيكون فيه تأييد لما ذكرناه لدلالته على كون ذلك هو المختار عنده ، والأفضل لديه ، أو المتيقّن (١) انتهى.
وقد عرفت تصريح السيد في المصباح بأن كلّ ما فيه ممّا رواه أو رآه ، وليس فيه من منشآته شيء فضلا عن الكثرة ، وليس له كتاب مزار غيره ، وهذا من إتقان المحدث المذكور وتثبته عجيب بأن يذكر ما لا أصل له أصلا.
وثامنا : إن السيد ألف المصباح في أول تكليفه ، قال رحمهالله في كتاب الإجازات : فصل : ممّا ألفته في بداية التكليف من غير ذكر الأسرار
__________________
(١) الدرة النجفيّة : ١٥٩.