ومما يوضح لك كذب هذه الدعوى مضافا إلى عدم ذكرها في مقام ، أن محمّد بن شاكر بن أحمد الكتبي المتوفى سنة ٧٦٤ ـ كما في كشف الظنون ـ لم يذكر القطب أصلا في كتاب فوات الوفيات ـ أي وفيات ابن خلكان التاريخ المعروف ـ وقد جمع فيه خمسمائة واثنين وسبعين ترجمة من الذين فأتوا عن ابن خلكان أو كانوا بعده إلى تاريخ سنة ٧٥٤ ، وأغلب ما فيه علماء مصر والشام ، وقضاتهم وأدبائهم وأمرائهم (١) ، وكان هو في تلك البلاد.
وكذا لم يذكره ـ أيضا ـ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ، ولا معاصره قاضي القضاة بالشام تاج الدين السبكي في كتاب طبقات الشافعية ، ولم نعثر على الكتابين ، لكن لو كان له ترجمة في أحدهما لذكره السيوطي في الطبقات ، كما هو دأبه في سائر التراجم.
ولا ذكره الصفدي الشامي في كتاب الوافي بالوفيات ، الذي جمع فيه تراجم أعيان الصحابة والتابعين ، والملوك والأمراء والقضاة والعمال ، والقراء والمحدثين والفقهاء ، والمشايخ والأولياء والصلحاء ، والنحاة والأدباء والشعراء ، والأطباء والحكماء ، وأعيان كل فنّ ، إلى سنة ٧٦٠ قبل وفاته بأربع سنين ، وقبل وفاة القطب بست أو ثمان سنين ، وإلاّ لنقل عنه لوجود النسخة عنده على ما يظهر من تراجم جماعة ، ومع هذا الخمول عندهم كيف يجوز نسبة الرئاسة فيهم إليه؟!
كا ـ قوله : وتأثير معاشرة نصاب الشام. إلى آخره ، هو الوجه الثاني الخيالي لخروج القطب من مذهبه ، وأنت خبير بأن الشام حينئذ ـ كما صرّح به في اللؤلؤة ـ كانت مملوءة من فضلاء الإمامية (٢) ، وهذا ظاهر لمن راجع الإجازات
__________________
(١) كشف الظنون ٢ : ٢٠١٩.
(٢) لؤلؤة البحرين : ١٩٩.