هذا حكم حبّ بقائهم ، فكيف بدعاء بقائهم؟! وهذا حكم خليفتهم ، فكيف بعلمائهم الذين هم أضرّ من جيش يزيد على الحسين عليهالسلام وأصحابه كما نصّ عليه الإمام العسكري عليهالسلام (١).
ثم نقول : إن في كلام الشهيد في إجازته لابن الخازن ـ وقد كتبها بعد وفاة القطب بثمان سنين كما يظهر من تاريخها ـ ما هو صريح في جلالة قدره كقوله ـ بعد ذكر اسمه ـ : قدس الله لطيفته (٢).
وهذا دعاء لا يجوز لغير أهل الحق ، بل لم يعهد منهم إلاّ للعلماء خاصة.
وقوله : واستفدت من أنفاسه (٣). وهذا نص على كونه صاحب مقامات عالية نفسانية ، ودرجات رفيعة روحانية ، بعد طي مرحلتي الإيمان والعلم ، كما هو ظاهر على من له أدنى ذوق ودرية.
ك ـ قوله : لا ينافي أخذ حبّ الرئاسة. إلى آخره. فيه :
أولا : أنه ما عهدنا أحدا من علمائنا بعد وصولهم إلى الدرجات العالية من العلم خرج من النور إلى الظلمات ، لمجرد جلب الحطام ، وحبّ رئاسة العوام ، نعم قد يتفق منهم ممّن لم يستحكم أساس التقوى قد صدر منهم بعض ما هو من ثمرة شجرة حبّ الدنيا ، وأين هذا من التمسك بعرى اللات والعزى؟!
وثانيا : أي رئاسة كانت له في الشام؟ في أي كتاب ذكر ذلك؟ وأي مؤرخ ومترجم نقلها؟ ما هذا شبيه بفعال أهل العلم ، يبني الكلام على مالا أصل له أصلا ، ثم يتفرّع عليه ما يريده ويهواه ، ويعارض به أساطين العلماء ، وأبطال الصفا.
__________________
(١) انظر الاحتجاج : ٤٥٨ ، والتفسير المنسوب للإمام العسكري عليهالسلام : ٣٠١ / ١٤٣.
(٢) راجع بحار الأنوار ١٠٧ : ١٨٨.
(٣) راجع بحار الأنوار ١٠٧ : ١٨٨.