انتهى.
قلت : في كثير من الإجازات توصيف المولى المذكور بالشهيد الثالث ، إلاّ أنّه مع ذلك لم يستقر الاصطلاح إلاّ فيهما ، وما ذلك إلاّ لما ذكرناه ، مع أن المولى المذكور من أعلام العلماء ، وفضل القاضي وترويجه المذهب غير خفي على أحد ، وقد قتلا قتلا فظيعا.
أما الأول (١) ، ففي الرياض بعد توصيفه بالعالم الفاضل المتكلم الفقيه الجامع ، وأنه أقام برهة من الزمان في المشهد الرضوي ، واشتغل بالإفادة والهداية ، وإرشاد الخلائق ، وترويج الشريعة الغراء ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكان يعظ الناس به في بعض الجمعات ويجتمع إليه خلق كثير ، وهدى به جماعة غفيرة ، وكانت أطواره محمودة عند الأكابر والأصاغر ، وكان يناصح السلطان شاه عباس الماضي الصفوي في أكثر أوقات إقامة السلطان بتلك الروضة المقدسة في أوائل جلوسه ، وكان مكرّما عنده إلى أن غلبت الطائفة الاوزبكيّة على ذلك المشهد ، سنة سبع وتسعين وتسعمائة ، فأخذوا المولى الجليل المذكور فذهبوا به إلى عبد المؤمن خان وقالوا : هذا رئيس الرافضة فأمنه الخان المذكور ، وأرسله إلى والده عبد الله خان ببخارى ، وبعد ما وصل إلى بخارى باحث مع علماء بخارى في المذهب فعجزوا عن معارضته ، وقالوا لعبد الله خان : إنه ليس لكم شكّ في حقيّة مذهبكم ، فما الباعث على مباحثة هذا الرجل؟! ولا بدّ أن يقتل من كان مخالفا لمذهبنا!! ويجتنب عن مباحثته لئلا يصير باعثا على إخلال العوام! وقيل : إنه ادعى أنه شافعي فلم ينفع ، وقالوا : إنّه قال ذلك تقيّة ، وإلاّ فهو رافضي ، فاستشهد بتعصب الحنفيّة وقتلوه بالخنجر والألماس ونحوهما ، ولم يكتفوا بذلك ، بل أحرقوا جسده الشريف في ميدان
__________________
(١) المقصود هنا : المولى عبد الله الخراساني.