يسمّى بهاء الدين محمّد الهمداني الحارثي (١) ، فسألته عند ذلك القراءة في بعض العلوم فقال : بشرط أن يكون ذلك مكتوم [ فأجبته لسؤاله ] (٢) وقرأت عليه شيئا من الهيئة والهندسة ، ثم سار إلى الشام قاصدا بلاد العجم ، وقد خفي عنّي أمره واستعجم (٣).
قلت (٤) : ولما ورد دمشق نزل بمحلة الخراب عند بعض تجارها الكبار ، واجتمع به الحافظ الحسين الكربلائي القزويني أو التبريزي نزيل دمشق صاحب الروضات الذي صنّفه في مزارات تبريز ، فاستنشده شيئا من شعره ، وكثيرا ما سمعت أنه كان يطلب الاجتماع بالحسن البوريني ، فأحضره له التاجر الذي كان عنده بدعوة وتأنّق في الضيافة ، ودعا غالب فضلاء محلّتهم ، فلمّا حضر البوريني إلى المجلس رأى فيه صاحب الترجمة بهيئة السياح ، وهو في صدر المجلس ، والجماعة محدقون به ، وهم متأدّبون غاية التأدب ، فعجب البوريني وكان لا يعرفه ، ولم يسمع به ، فلم يعبأ به ونحّاه عن مجلسه وجلس غير ملتفت إليه ، وشرع على عادته في بثّ رقائقه ومعارفه إلى أن صلّوا العشاء ثم جلسوا ، فابتدر البهائي في نقل بعض المناسبات ، وانجرّ إلى الأبحاث ، فأورد بحثا في التفسير عويصا فتكلّم عليه بعبارة سهلة فهمها الجماعة كلّهم ، ثم دقق في التعبير حتى لم يبق يفهم ما يقول إلاّ البوريني ، ثم أغمض العبارة فبقي الجماعة
__________________
(١) في المصدر : يسمى بالشيخ بهاء الدين الحارثي القزويني.
(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
(٣) سانحات دمي القصر ٢ : ١٢٧ ، انظر كذلك أعيان الشيعة ٩ : ٢٤١.
(٤) في الأعيان : قال المنيني ، وهو أحمد بن علي بن عمر بن صالح بن أحمد بن سليمان بن إدريس ابن إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم ، الطرابلسي الأصل ، المنيني المولد ، الدمشقي المنشأ ، ولد في ١٢ محرم ١٢٩٢ ه بمنين من قرى دمشق وتوفي بدمشق في ١٩ جمادى الثانية ١٣٥٧ ه ، من تآليفه : الاعلام بفضائل الشام وغيرها. انظر معجم المؤلفين ٢ : ١٥.