ونقل عنه أيضا : أنه كان يجب ولده المولى حسن علي كثيرا ، فاتفق أنّه مرض شديدا ، فحضر المسجد لأداء صلاة الجمعة مع تفرقة حواسه ، فلمّا بلغ في سورة المنافقين إلى قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) (١) جعل يكرّر ذلك ، فلمّا فرغ سألوه عن ذلك ، فقال : إني لمّا بلغت هذا الموضع ، تذكرت ولدي ، فجاهدت مع النفس بتكرار هذه الآية إلى أن فرضته ميّتا ، وجعلت جنازته نصب عيني ، فانصرفت عن الآية.
قال : وكان من عبادته أنّه لا يفوت منه شيء من النوافل ، وكان يصوم الدهر ، ويحضر عنده في جميع الليالي جماعة من أهل العلم والصلاح ، وكان مأكوله وملبوسه على أيسر وجه من القناعة ، وكان مع صومه الدهر كان في الأغلب يأكل مطبوخ غير اللحم.
ونقل : أنه اشترى عمامة بأربعة عشر شاهيّا (٢) ، وتعمّم بها أربع عشرة سنة.
ونقل المولى محمّد تقي المجلسي رحمهالله قال : خرجنا يوما في خدمته إلى زيارة الشيخ أبي البركات الواعظ في الجامع العتيق بأصبهان ، وكان معمّرا في حدود المائة ، فلمّا ورد جناب المولى مجلسه ، وتكلّم معه في أشياء قال له الشيخ : أنا أروي عن الشيخ علي المحقق من غير واسطة ، وأجزت لك روايتي
__________________
(١) المنافقون ٦٣ : ٩.
(٢) نقد نحاسي ايراني يشبه البارة التركيّة أو الفلس العراقي ، والكلمة أسپانية الأصل ، وكانت اسما لمسكوك من الفضّة الرائجة في تلك الديار ، ومعناها بالفارسيّة شاهي نحو كلمة ركاليس في اللاتين ويكون أصلها من ركس « شاه ». انظر العقد المنير ١ : ١٤٧.