أن تغمض عن خطئي بصدق الولاء! أو سلكت بي سيرتك بالأعداء!.
فما عذره رحمهالله في الجواب؟.
وأخرج الصدوق في العيون بإسناده عن عمّ محمّد بن يحيى بن أبي عباد قال : سمعت الرضا عليهالسلام يوما ينشد شعرا :
كلّنا نأمل مدّا في الأجل |
|
والمنايا هن آفات الأمل |
لا تغرّنك أباطيل المنى |
|
والزم القصد ودع عنك العلل |
إنّما الدنيا كظل زائل |
|
حلّ فيها راكب ثم رحل |
فقلت : لمن هذا أعزّ الله الأمير؟ فقال عليهالسلام : لعراقي لكم ، قلت : أنشدنيه أبو العتاهية (١) لنفسه ، فقال : هات اسمه ودع عنك هذا ، إنّ
__________________
(١) في تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين لبعض علماء الزيدية من معاصري ابن شهرآشوب وأضرابه نقلا عن السيد أبي طالب من علمائنا ، والظاهر أنه من أماليه بإسناده إلى أبي العتاهية قال : لمّا امتنعت من قول الشعر وتركته أمر المهدي بحبسي في سجن الجرائم ، فأخرجت من بين يديه إلى الحبس ، فلمّا دخلته دهشت وذهل عقلي ، ورأيت منه منظرا هالني ، فرميت بطرفي أطلب موضعا آوي إليه ، ورجلا آنس به وبمجالسته ، فإذا كهل حسن السمت ، نظيف الثوب ، بين عينيه سيماء الخير ، فقصدته وجلست إليه من غير أن أسلم عليه أو أسأله عن شيء من أمره لما أنا فيه من الجزع والحيرة ، فمكث كذلك مليّا وأنا مطرق ومفكر في حالي فأنشد الرجل هذين البيتين :
تعوّدت مس الضرّ حتى ألفته |
|
وأسلمني حسن العزاء إلى الصبر |
وصيّرني يأسى من الناس واثقا |
|
بحسن صنيع الله من حيث لا أدري |
فاستحسنت البيتين ، وتبركت بهما ، وثاب إليّ عقلي ، فأقبلت على الرجل فقلت له : تفضل أعزّك الله! بإعادة البيتين؟ فقال لي : ويحك يا إسماعيل! ـ ولم يكنني ـ ما أسوأ أدبك وأقل عقلك ومروّتك؟! دخلت إليّ ولم تسلّم عليّ تسليم المسلم على المسلم ولا توجعت لي توجّع المبتلي للمبتلى ، ولا سألتني مسألة الوارد على المقيم ، حتى إذا سمعت منّي بيتين من الشعر الذي لم يجعل الله فيك غيره خيرا