منها : الحكايات الثلاث التي لم يتفق لأحد قبله بهذه الكيفيّة والخصوصية والوضوح.
ومنها : أنّه بعد ما هاجر إلى الحلّة واستقر فيها ، وشرع في هداية الناس وإيضاح الحق وإبطال الباطل ، صار ببركة دعوته من داخل الحلّة وأطرافها من طوائف الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا ، مواليا لأولياء الله ومعاديا لأعداء الله ، بل حدّثني ـ طاب ثراه ـ أنّه لمّا ورد الحلّة لم يكن في الذين يدّعون التشيع من علائم الإمامية وشعارهم إلاّ حمل موتاهم إلى النجف الأشرف ، ولا يعرفون من أحكامهم شيئا حتى البراءة من أعداء الله ، وصاروا بهدايته صلحاء أبرارا أتقياء علماء ، وهذه منقبة اختص بها بين من تقدّم عليه أو تأخر.
ومنها : الكمالات النفسانية من الصبر والتقوى ، وتحمّل أعباء العبادة ، وسكون النفس ، والاشتغال بذكر الله تعالى ، وكان رحمهالله لا يسأل في بيته عن أحد من أهله وأولاده وخدمه ما يحتاج إليه من الغذاء والعشاء والقهوة والقليان وغيرها ، ولا يأمرهم بشيء منها ، ولولا التفاتهم ومواظبتهم لمرّ عليه اليوم والليلة من غير أن يتناول شيئا منها ، مع ما كان عليه من التمكّن والثروة والسلطنة الظاهرة ، وكان كجدّه الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يجيب الدعوة ، ولكن يحمل معه (١) كتبا فيقعد في ناحية ويشتغل بالتصنيف ، ولا علم له بما فيه أهل المجلس ، ولا يخوض معهم في حديثهم ، إلاّ أن يسأل عن أمر ديني فيجيبهم.
وكان دأبه في شهر الصيام أن يصلي [ المغرب ] (٢) بالناس في المسجد ،
__________________
(١) في الحجريّة : له ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.