وفي البحار طريق آخر الى كتاب زيد النرسي ، ذكر أنّه وجده في مفتتح النسخة التي وقعت اليه ، وهي النسخة التي أخرج منها أخبار الكتاب ، والطريق هكذا : حدثنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري ـ أيّده الله ـ قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي أبو عبد الله المحمدي ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي (١).
وإنّما أوردنا هذه الطرق ، تنبيها على اشتهار الأصل المذكور فيما بين الأصحاب واعتباره عندهم ، كغيره من الأصول المعتمدة المعوّل عليها ، فإنّ بعضا حاول إسقاط هذا الأصل ، والطعن في من رواه.
واعترض أوّلا : بجهالة زيد النّرسي ، إذ لم ينصّ عليه علماء الرجال بمدح ، ولا قدح.
وثانيا : بأنّ الكتاب المنسوب إليه مطعون فيه ، فإنّ الشيخ قدسسره حكى في الفهرست ، عن ابن بابويه قدسسره : أنّه لم يرو أصل زيد النّرسي ، ولا أصل زيد الزّراد ، وأنّه حكى في فهرسته ، عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد : أنّه لم يرو هذين الأصلين ، بل كان يقول : هما موضوعان ، وكذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير ، وأنّ واضع هذه الأصول محمد بن موسى الهمداني (٢) ، المعروف بالسّمان.
والجواب عن ذلك : إنّ رواية ابن أبي عمير لهذا الأصل تدلّ على صحّته ، واعتباره ، والوثوق بمن رواه ، فإنّ المستفاد من تتبّع الحديث ، وكتب الرجال بلوغه الغاية في الثقة ، والعدالة ، والورع ، والضبط ، والتحذّر عن التخليط ، والرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، ولذا ترى أنّ الأصحاب يسكنون
__________________
(١) بحار الأنوار ١ : ٤٣.
(٢) الفهرست : ٧١ / ٢٩٠.