من الأوصاف الجميلة ، أرايت من يعظّمه كذلك ، يتأمّل ويطعن في منقولاته؟! وهكذا الكلام في جمع ممّن تقدّم عليه ، أو تأخّر عنه.
وليس الغرض من الاعتماد والاعتبار صحّة كلّ ما رواه في الكتابين ، بل الصحّة من جهته فيكون كسائر مرويّات الأصحاب في كتبهم الفقهيّة ، والمجاميع الحديثيّة ، وعدم الفرق بين الخبر الموجود في العوالي ، والموجود في غيره ممّا لم يتبيّن مأخذه ، وإنّ هذا المقدار من التصوّف ، أو الميل إليه ، غير قادح في المطالب النقليّة عند الأصحاب.
الثانية : ما في الكتاب المذكور من اختلاط الغثّ بالسمين ، وروايات الأصحاب بأخبار المخالفين ، كما أشار إليه في اللّؤلؤة (١).
وقال في الحدائق ، بعد نقل مرفوعة زرارة في الأخبار العلاجيّة : إنّ الرواية المذكورة لم نقف عليها في غير كتاب العوالي ، مع ما هي عليها من الإرسال ، وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه الى التساهل في نقل الأخبار ، والإهمال ، وخلط غثّها بسمينها ، وصحيحها بسقيمها ، كما لا يخفى على من لاحظ الكتاب المذكور (٢).
قلت : ما ذكره صحيح في الجملة في بعض الكتاب ، وهو أقلّ القليل منه ، وأمّا في الباقي فحظّه منه نقل مجاميع الأساتيذ ، الذين ساحتهم بريئة عن قذارة هذه الطعون.
توضيح ذلك : إنّ العوالي مشتمل على مقدّمة ، وبابين ، وخاتمة ، وذكر في المقدّمة فصولا ، ذكر فيها طرقه ، وجملة من الأخبار النبويّة في فنون الآداب والأحكام ، واختلط هنا الغثّ بالسمين كما قالوا.
وأمّا البابان ، فقال : الباب الأوّل في الأحاديث المتعلّقة بأبواب الفقه ،
__________________
(١) لؤلؤة البحرين : ٦٤ ، ١٦٧.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ٩٣ ـ ٩٩.