من الفقهاء الذين يذكرون أقواله في كتب الفروع ، مع أنّ ما ذكره في ترجمته كاف في الدلالة على تسنّنه ، فإنّ من كان شيخه أبا هريرة ، وراويه مجاهد وعمرو ابن دينار ، لحريّ بأن يعدّ من كلاب أصحاب النّار ، بل في حكاية ملاقاته مع السجّاد عليهالسلام التي أوردها ـ وأورثت في قلبه حسن الظنّ به ـ ما يشعر بانحرافه ، ففي أحدها عن طاوس ، قال : كنت في الحجر ليلة إذ دخل عليّ ابن الحسين صلوات الله عليهما ، فقلت : رجل من أهل بيت النبوّة ولأسمعنّ دعاءه ... الخبر.
وأنت خبير بأنّ قوله : رجل من أهل بيت النبوّة كلام من لم يعرفه عليهالسلام إلاّ بالسيادة ، وشطر من العلم والزهادة ، ولو عرفه عليهالسلام بالولاية والإمامة ، مع ما يعتقدون في حقّه من الفقه والنّسك ، لعبّر عنه لا محالة بقوله : سيّدي ومولاي ، وما أشبه ، أرأيت أحدا من أجلاّء أصحاب الأئمّة عليهمالسلام يعبّر عن واحد منهم بهذا التّعبير السّخيف.
وفي حكاية أخرى عنه ، قال : رأيت رجلا في المسجد الحرام تحت الميزاب ، وهو يدعو ويبكي ، فجئته وقد فرغ من الصلاة ، فإذا هو عليّ بن الحسين عليهالسلام ، فقلت له : يا ابن رسول الله رأيتك على حالة كذا وكذا ، ولك ثلاثة أرجو أن يؤمنك من الخوف : أحدها أنّك ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والثاني شفاعة جدّك ، والثالث رحمة الله ، فقال : يا طاوس. وأجابه بما هو معروف ، وهذا في الدلالة كسابقه ، فإنّ من كان يعتقد فيهم عليهمالسلام أدنى ما يجب اعتقاده في الإيمان ، فكيف بمثله من أهل الفضل والعرفان ، لا يشافهه بهذا الكلام وإن كان صادقا فيه.
وذكر الشيخ ورّام ابن أبي فراس قدسسره في تنبيه الخاطر : أنّه دخل على جعفر بن محمد عليهماالسلام ، فقال له : « أنت طاوس » قال : نعم ، فقال عليهالسلام : « طاوس طير مشوم ، ما نزل بساحة قوم إلاّ آذنهم