ومثله ما ذكره في باب ذكر الحدّ في الزنا ما لفظه : وعن علي صلوات الله عليه : « ولا يكون الإحصان بنكاح متعة » (١) ، ودلالته على ما ادّعيناه أوضح.
الرابع : بعد محل إقامته عن مجمع العلماء والمحدّثين ، والفقهاء الناقدين ، وتعسّر اطّلاعه على زبرهم وتصانيفهم ، وآرائهم وفتاويهم ، لطول المسافة وصعوبة السير ، وقلّة التردّد ، خصوصا بعد تعدّد الخليفة ، فإنّه كان في مصر ، وكانت تحت ملوك الفاطميين ، والأصحاب في أقطار العراق والعجم ، وكانت في تصرّف العباسيّين ، ومن جميع ذلك ظهر عذره في المخالفة في بعض الفروع.
وظهر الجواب عمّا أشار إليه بقوله : ولعدم اشتهاره. إلى آخره ، فإنّه لعدم اطّلاعهم عليه وعدم حاجتهم إليه. فإنّ جلّ الفقهاء من بعد زمان الشيخ ، إلى عصر صاحب البحار والوسائل قدسسرهم ، عكفوا على الكتب الأربعة التي عليها تدور رحى الإماميّة ، ولم يتجاوزوا عنها ، ولم يستندوا الى غيرها ، إلاّ المحقّق ، والشهيد ، في مواضع نادرة ، ينقلون عن بعض الأصول التي كانت عندهما ، لا لإعراض منهم عن سائر الكتب وعدم اعتمادهم عليها ، خصوصا مثل العلل ، والأمالي ، وثواب الأعمال ، وغيرها من كتب الصدوق ، وكتاب قرب الإسناد ، والمحاسن ، وغيرهما من الكتب المعتمدة ، التي لا يحتمل ذو مسكة أنّ عدم النقل عنها لوهن في الكتاب ، أو ضعف في صاحبه ، بل هو لما ذكرناه ، أو لعدم العثور عليها.
وأمّا صاحب الوسائل فلم يعلم أنّ عدم نقله عن الدعائم لعدم اعتماده عليه ، بل الظاهر أنّه لعدم عثوره عليه ، فإنّه قال في آخر كتاب الهداية ـ وهو مختصر الوسائل ـ في ذكر الكتب التي لم ينقل عنها : إمّا لقلّة ما فيها من النصوص وعدّ منها جملة ، أو لعدم ثبوت الاعتماد عليه ، وعدّ منها فقه الرضا ، وطبّه عليهالسلام ، أو ثبوت عدم اعتباره ، وعدّ منها مصباح الشريعة (٢).
__________________
(١) دعائم الإسلام ٢ : ٤٥١ / ١٥٧٧.
(٢) الهداية : مخطوط.