دائرة الموحّدين ، والملّيّين ، وأتباع النبيّين ، انتهى (١).
ولعلّه لذلك لم يتعرّض شيخ الطائفة رحمهالله في كتاب الغيبة لإبطال مذهبهم ، كما تعرّض لإبطال مذهب الكيسانيّة ، والناوسيّة ، والواقفيّة ، والفطحيّة ، وغيرها ، لظهور فساد مذهبهم عند جميع فرق المسلمين.
ومن ذلك كلّه ظهر أنّ نسبة هذا العالم الجليل ، صاحب هذا المؤلّف الشريف إلى هذا المذهب السخيف ، افتراء عظيم.
وأمّا ثالثا : فلأنّ لأرباب هذا المذهب ودعاته قواعد واصطلاحات ورموزا وإشارات ، لا أثر لها في هذا الكتاب ، ولا إشارة فيه إليها ، فعندهم أنّه لا بدّ في كلّ عصر من سبعة ، بهم يقتدون ، وبهم يؤمنون ، وبهم يهتدون ، وهم متفاوتون في الرتب : إمام يؤدي عن الله وهو غاية الأدلّة إلى دين الله. وحجّة يؤدّي عن الإمام يحمل علمه. وذو مصّة يمصّ العلم من الحجّة أي يأخذه منه ، فهذه ثلاثة. وأبواب وهم الدعاة : فداع أكبر هو رابعهم ، يرفع درجات المؤمنين. وداع مأذون يأخذ العهود على الطالبين من أهل الظاهر ، فيدخلهم في ذمّة الإمام ، ويفتح لهم باب العلم والمعرفة وهو خامسهم. ومكلّب قد ارتفعت درجته في الدين ، ولكن لم يؤذن له في الدعوة ، بل في الاحتجاج على الناس ، فهو يحتجّ ويرغّب إلى الداعي ، ككلب الصائد ، حتى إذا احتجّ على أحد من أهل الظاهر ، وكسر عليه مذهبه بحيث رغب عنه ، وطلب الحقّ ، أدّاه المكلّب إلى الداعي المأذون ليأخذ عليه العهود ، وإنّما سمّي مكلّبا لأنّ مثله مثل الجارح يحبس الصيد على الصائد ، على ما قاله تعالى : ( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) (٢) وهو سادسهم. ومؤمن يتبع الداعي ، وهو الذي أخذ عليه العهد ، وآمن وأيقن بالعهد ، ودخل في ذمّة الإمام وحزبه وهو سابعهم.
__________________
(١) روضات الجنات ٨ : ٧١.
(٢) المائدة : ٥ : ٤.