جارِيًا مَجْرَى الفاعِلِ ، وقائِمًا مُقامَهُ ، وذلك نَحْو قولِ جَمِيلٍ :
جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا |
|
وحُقَّ لمِثْلِى يا بُثَيْنَةُ يَجْزَعُ (١) |
أَرادَ أَنْ يَجْزَعَ ، على أنَّ هذا قَلِيلٌ شاذٌّ ، على أَنَّ حَذْفَ أَنْ قد كَثُر فى الكَلامِ حَتّى صارَ كَلا حَذْفٍ. ألَا تَرَى أَنَّ أَصْحابَنا اسْتَقْبَحُوا نَصْبَ غيرَ من قوله : عَزَّ اسْمُه : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) [الزمر : ٦٤] بأَعْبُدُ ، فلولا أَنَّهُم أَنِسُوا بحَذْفِ أَنْ من الكَلامِ وإرادَتِها لما اسْتَقْبَحُوا انْتِصابَ غَيْر بأَعْبُدُ.
* والدَّناوَةُ : القَرابَةُ والقُرْبَى.
* ودَنَت الشَّمْسُ للغُروبِ ، وأَدْنَتْ.
* والدُّنْيا : نَقِيضُ الآخِرَةِ ، انْقَلَبتِ الواوُ فيها ياءً ؛ لأَنَّ فُعْلَى إذا كانَت اسْمًا من ذَواتِ الواوِ أُبْدِلَتْ واوُه ياءً ، كما أُبْدِلَتِ الواوُ مكانَ الياءِ فى فَعْلَى فأَدْخَلُوها عليها فى فُعْلَى ليَتَكافَآ فى التَّغْيِيرِ ، هذا قولُ سِيبَوَيْهِ ، وزِدْتُه أَنا بَيانًا.
وحَكَى ابنُ الأَعْرابِىِّ : ما له دُنْيًا ولا آخِرَةٌ ، فنَوَّنَ دنيا تَشْبِيهًا لها بفُعْلَلٍ ، قال : والأَصْلُ أَلَّا تُصْرَفَ ؛ لأَنّها فُعْلَى.
وقالُوا : هو ابنُ عَمِّى دِنْيَةً ، ودِنْيًا ، ودِنْيَا ، ودُنْيا : إِذا كانَ ابنَ عَمِّهِ لَحّا. قال اللِّحْيانِىُّ : وتُقالُ هذه الحُرُوفُ أيضًا فى ابنِ الخالِ والخالَةِ ، وتُقالُ فى ابنِ العَمَّةِ أيضًا. قالَ : وقالَ أَبُو صَفْوانَ : هو ابنُ أَخِيهِ وابنُ أُخْتِه دِنْيَا ، مثل ما قِيلَ فى ابنِ العَمِّ وابنِ الخالِ ، قال : ولم يَعْرِفْها الكِسائِىُّ ولا الأَصْمَعِىُّ إلَّا فى العَمِّ والخالِ ، وإنَّما انْقَلَبَتِ الواوُ فى دِنْيَةٍ ودِنْيَا لمُجاوَرَةِ الكَسْرَةِ وضَعْفِ الحاجِزِ ، ونَظِيرُه فِتْيَةٌ وعِلْيَةٌ ، وكانَ أَصْلُ ذلك كُلِّه دُنْيَا ، أى رَحِمًا أَدْنَى إِلىَّ من غَيْرِها ، وإِنّما قَلَبُوا ليَدُلَّ ذلك على أَنّه ياءُ تَأْنِيثِ الأَدْنَى ، ودِنْيَا داخِلَةٌ عليها.
وقولُه تَعالَى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) [السجدة : ٢١] قالَ الزَّجّاجُ : كُلُّ ما يُعَذَّبُ به فى الدُّنْيا فهو العَذابُ الأَدْنَى ، والعَذابُ الأَكْبَرُ : عذابُ الآخِرَةِ.
* ودانَيْتُ الأَمْرَ : قارَبْتُه.
* ودانَيْتُ بَيْنَهُمَا : جَمَعْتُ.
* ودانَيْتُ القَيْدَ للبَعِيرِ : ضَيَّقْتُه عليهِ ، وكذلِكَ دانَى القَيْدُ قَيْنَىِ البَعِيرِ.
وقالَ ذُو الرُّمَّةِ :
__________________
(١) البيت لجميل بثينة فى ديوانه ص ١١٢ ؛ والخصائص (٢ / ٤٣٥) ؛ ولسان العرب (دنا).