إِنَّ
الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ ـ ٧٤. لا يُفَتَّرُ
عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ـ ٧٥. وَما ظَلَمْناهُمْ
وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ـ ٧٦. وَنادَوْا يا مالِكُ
لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ ـ ٧٧. لَقَدْ جِئْناكُمْ
بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ ـ ٧٨. )
بيان
رجوع إلى إنذار
القوم وفيه تخويفهم بالساعة والإشارة إلى ما يئول إليه حال المتقين والمجرمين فيها
من الثواب والعقاب.
قوله تعالى : « هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ » النظر الانتظار ، والبغتة الفجأة ، والمراد بعدم شعورهم بها غفلتهم عنها
لاشتغالهم بأمور الدنيا كما قال تعالى : « ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً
تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ
» يس : ٤٩ ، فلا يتكرر
المعنى في قوله : «
بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ».
والمعنى : ما
ينتظر هؤلاء الكفار بكفرهم وتكذيبهم لآيات الله إلا أن تأتيهم الساعة مباغتة لهم
وهم غافلون عنها مشتغلون بأمور دنياهم أي إن حالهم حال من هدده الهلاك فلم يتوسل
بشيء من أسباب النجاة وقعد ينتظر الهلاك ففي الكلام كناية عن عدم اعتنائهم
بالإيمان بالحق ليتخلصوا به عن أليم العذاب.
قوله تعالى : « الْأَخِلَّاءُ
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ » الأخلاء جمع خليل وهو الصديق حيث يرفع خلة صديقه وحاجته ، والظاهر
أن المراد بالأخلاء المطلق الشامل للمخالة والتحاب في الله كما في مخالة المتقين
أهل الآخرة والمخالة في غيره كما في مخالة أهل الدنيا فاستثناء المتقين متصل.
والوجه في
عداوة الأخلاء غير المتقين أن من لوازم المخالة إعانة أحد الخليلين الآخر في مهام
أموره فإذا كانت لغير وجه الله كان فيها الإعانة على الشقوة الدائمة والعذاب
الخالد كما قال تعالى حاكيا عن الظالمين يوم القيامة : « يا وَيْلَتى
لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً