فليت لنا من ماء زمزم شربة |
|
مبردة باتت على الطهيان (١) |
وقوله : « يخلفون » أي يخلفون بني آدم ويكونون خلفاء لهم ، والمعنى : ولو نشاء أهلكناكم وجعلنا بدلكم ملائكة يسكنون الأرض ويعمرونها ويعبدون الله.
وفيه أنه لا يلائم النظم تلك الملاءمة.
قوله تعالى : « وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ » ضمير « إِنَّهُ » لعيسى عليهالسلام والمراد بالعلم ما يعلم به ، والمعنى : وإن عيسى يعلم به الساعة في خلقه من غير أب وإحيائه الموتى فيعلم به أن الساعة ممكنة فلا تشكوا في الساعة ولا ترتابوا فيها البتة.
وقيل : المراد بكونه علما للساعة كونه من أشراطها ينزل على الأرض فيعلم به قرب الساعة.
وقيل : الضمير للقرآن وكونه علما للساعة كونه آخر الكتب المنزلة من السماء.
وفي الوجهين جميعا خفاء التفريع الذي في قوله : « فَلا تَمْتَرُنَّ بِها ».
وقوله : « وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ » قيل : هو من كلامه تعالى ، والمعنى : اتبعوا هداي أو شرعي أو رسولي ، وقيل : من كلام الرسول بأمر منه تعالى.
قوله تعالى : « وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ » الصد الصرف ، والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ » إلخ ، المراد بالبينات الآيات البينات من المعجزات ، وبالحكمة المعارف الإلهية من العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة.
وقوله : « وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ » أي في حكمه من الحوادث والأفعال ، والذي يختلفون فيه وإن كان أعم من الاعتقادات التي يختلف في كونها حقة أو باطلة والحوادث والأفعال التي يختلف في مشروع حكمها لكن المناسب لسبق قوله : « قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ » أن يختص ما اختلفوا فيه بالحوادث والأفعال والله أعلم.
__________________
(١) الطهيان قلة الجبل ومعنى البيت : ليت لنا بدلا من ماء زمزم شربة من الماء مبردة بقيت ليلة على قلة الجبل.