قوله تعالى : « وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ » ما في « بِما عَهِدَ عِنْدَكَ » مصدرية أي بعهده عندك والمراد به عهده أن يكشف عنهم العذاب لو آمنوا كما قيل أو أن يستجيب دعاءه إذا دعا كما احتمله بعضهم.
وقولهم : ( يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ) خطاب استهزاء استكبارا منهم كما قالوا : ادع ربك ولم يقولوا : ادع ربنا أو ادع الله استكبارا ، والمراد أنهم طلبوا منه الدعاء لكشف العذاب عنهم ووعدوه الاهتداء.
وقيل : معنى الساحر في عرفهم العالم وكان الساحر عندهم عظيما يعظمونه ولم يكن صفة ذم. وليس بذاك بل كانوا ساخرين على استكبارهم كما يشهد به قولهم : ( ادْعُ لَنا رَبَّكَ ).
قوله تعالى : « فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ » النكث نقض العهد وخلف الوعد ، ووعدهم هو قولهم : « إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ ».
قوله تعالى : « وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ » أي ناداهم وهو بينهم ، وفصل « قالَ » لكونه في موضع جواب السؤال كأنه قيل : فما ذا قال؟ فقيل : قال كذا.
وقوله : « وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي » أي من تحت قصري أو من بستاني الذي فيه قصري المرتفع العالي البناء ، والجملة أعني قوله : « وَهذِهِ الْأَنْهارُ » إلخ ، حالية أو « وَهذِهِ الْأَنْهارُ » معطوف على « مُلْكُ مِصْرَ » ، وقوله : « تَجْرِي مِنْ تَحْتِي » حال من الأنهار ، والأنهار أنهار النيل.
وقوله : « أَفَلا تُبْصِرُونَ » في معنى تكرير الاستفهام السابق في قوله : « أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ » إلخ.
قوله تعالى : « أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ » المهين الحقير الضعيف من المهانة بمعنى الحقارة ، ويريد بالمهين موسى عليهالسلام لما به من الفقر ورثاثة الحال.
وقوله : « وَلا يَكادُ يُبِينُ » أي يفصح عن مراده ولعله كان يصف موسى عليهالسلام به باعتبار ما كان عليه قبل الرسالة لكن الله رفع عنه ذلك لقوله : « قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى » طه : ٣٦ بعد قوله عليهالسلام : « وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي » طه : ٢٨.