ونجاح المؤمن في امتحان النعمة يكون :
أولاً : باعترافه بكونها من الله سبحانه وتوفيقه وليست لمجرد توفير الاسباب المادية العادية المتعارفة فيكون ذلك منطلقا من إيمانه بمؤدى قوله تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) (١).
وثانياً : بصرف هذه النعمة في سبيل إطاعته تعالى انطلاقا من إيمانه بأنه سبحانه إنما وفقه لنيل هذه النعمة ومن بها عليه من اجل ان يستعين بها على اطاعته وعبادته التي خلقه من اجلها وبنجاحه في هذا الامتحان ينال من الله سبحانه جوائز معجلة في هذه الحياة ومؤجلة الى اليوم الموعود.
أما الأولى : فتتمثل بزيادة النعمة ودوامها وطول العمر ودفع البلاء وقد ابرم ابراما كما تقدم في خطبة سابقة.
والمصداق الواضح للمؤمن الناجح بهذا الامتحان هو النبي سليمان على نبينا وعليه فضل التحية والسلام كما تقدم مفصلا حيث اعترف بأن ملكه الواسع كان من فضل الله سبحانه وقد من به عليه ليبلوه ويمتحنه ايشكر الله عليه بصرفه في سبيل اطاعته ام يكفر بصرفه في غير هذا السبيل؟ وحيث صرفه في السبيل الاول وحقق بذلك واجب الشكر كان ناجحا في إمتحان النعمة ونال الجوائز العظمى والفوائد الكبرى في الدنيا والآخرة وذلك هو الفوز العظيم.
ويأتي قارون في المقابل ليكون المثال الواضح للإنسان الراسب في إمتحان النعمة حيث انكر كونها من الله سبحانه وادعى انها إنما حصلت
__________________
(١) سورة النحل ، الآية : ٥٣.