الموهوبة مترشحة من كمال ذاتي من صفاته الذاتية يستحق بها الثناء فله كل الثناء ولا يستقل شيء غيره بشيء من الثناء يثنى عليه به إلا وينتهي إليه والعبادة ثناء بقول أو فعل فهو المعبود المستحق للعبادة وحده.
وأما قوله : « وَلَهُ الْحُكْمُ » فلأنه سبحانه هو المالك على الإطلاق لا يملك غيره إلا ما ملكه إياه وهو المالك لما ملكه وهو سبحانه مالك في مرحلة التشريع والاعتبار كما أنه مالك في مرحلة التكوين والحقيقة ، ومن آثار ملكه أن يقضي على عبيده ومملوكيه أن لا يعبدوا إلا إياه.
وأما قوله : « وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » فلأن الرجوع للحساب والجزاء وإذ كان هو المرجع فهو المحاسب المجازي وإذ كان هو المحاسب المجازي وحده فهو الذي يجب أن يعبد وحده وله دين يجب أن يتعبد به وحده.
قوله تعالى : « قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ » إلى آخر الآية ، السرمد على فعلل بمعنى الدائم ، وقيل : هو من السرد والميم زائدة ومعناه المتتابع المطرد ، وتقييده بيوم القيامة إذ لا ليل بعد يوم القيامة.
وقوله : « مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ » أي من الإله الذي ينقض حكمه تعالى ويأتيكم بضياء تستضيئون به وتسعون في طلب المعاش ، هذا ما يشهد به السياق ، ويجري نظيره في قوله الآتي : « مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ » إلخ.
وبذلك يندفع ما استشكل على الآيتين من أنه لو فرض تحقق جعل الليل سرمدا إلى يوم القيامة لم يتصور معه الإتيان بضياء أصلا لأن الذي يأتي به إما هو الله تعالى وإما هو غيره أما غيره فعجزه عن ذلك ظاهر ، وأما الله تعالى فإتيانه به يستلزم اجتماع الليل والنهار وهو محال والمحال لا يتعلق به القدرة ولا الإرادة ، وكذا الكلام في جانب النهار.
وربما أجيب عنه بأن المراد بقوله : « إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ » إن أراد الله أن يجعل عليكم. وهو كما ترى.
وكان مقتضى الظاهر أن يقال : من إله غير الله يأتيكم بنهار ، على ما يقتضيه سياق المقابلة بين الليل والنهار في الكلام لكن العدول إلى ذكر الضياء بدل النهار من قبيل