الوجود والاستغناء عنه تعالى ولا تتم إلا مع الاشتراك معه تعالى في صفة الألوهية.
وفي قوله : « وَرَبُّكَ يَخْلُقُ » التفات من التكلم بالغير إلى الغيبة والنكتة فيه تأييد النبي صلىاللهعليهوآله وتقويته وتطييب نفسه بإضافة صفة الرب إليه فإن معناه أن ما أرسله به من الحكم ماض غير مردود فلا خيرة لهم في قبوله ورده ، ولأنهم لا يقبلون ربوبيته.
وفي قوله : « سُبْحانَ اللهِ » وضع الظاهر موضع المضمر والنكتة فيه إرجاع الأمر إلى الذات المتعالية التي هي المبدأ للتنزه والتعالي عن كل ما لا يليق بساحة قدسه فإنه تعالى يتصف بكل كمال ويتنزه عن كل نقص لأنه هو الله عز اسمه.
قوله تعالى : « وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ » الإكنان الإخفاء والإعلان الإظهار ، ولكون الصدر يعد مخزنا للأسرار نسب الإكنان إلى الصدور والإعلان إليهم أنفسهم.
ولعل تعقيب الآية السابقة بهذه الآية للإشارة إلى أنه تعالى إنما اختار لهم ما اختار لعلمه بما في ظاهرهم وباطنهم من أوساخ الشرك والمعصية فطهرهم بذلك بحكمته.
قوله تعالى : « وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » ظاهر السياق أن الضمير في صدر الآية راجع إلى « رَبُّكَ » في الآية السابقة ، والظاهر على هذا أن اللام في اسم الجلالة للتلميح إلى معنى الوصف ، وقوله : « لا إِلهَ إِلَّا هُوَ » تأكيد للحصر المستفاد من قوله : « هُوَ اللهُ » كأنه قيل : وهو الإله ـ المتصف وحده بالألوهية ـ لا إله إلا هو.
وعلى ذلك فالآية كالمتمم لبيان الآية السابقة كأنه قيل : هو سبحانه مختار له أن يختار عليهم أن يعبدوه وحده ، وهو يعلم ظاهرهم وباطنهم فله أن يقضي عليهم أن يعبدوه وحده وهو الإله المستحق للعبادة وحده فيجب عليهم أن يعبدوه وحده.
ويكون ما في ذيل الآية من قوله : « لَهُ الْحَمْدُ » إلخ ، وجوها ثلاثة توجه كونه تعالى معبودا مستحقا للعبادة وحده.
أما قوله : « لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ » فلأن كل كمال موجود في الدنيا والآخرة نعمة نازلة منه تعالى يستحق بها جميل الثناء ، وكل جميل من هذه النعم