وتنفعه في كل ما أراده منها ولا أن تصدقه في جميع ما يأمله ويتمناه بل ولا في أكثره ففي الآية ـ كما ترى ـ انعطاف إلى بدء الكلام أعني قوله : « إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها » الآيتين.
وقوله : « وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً » المراد بالباقيات الصالحات الأعمال الصالحة فإن أعمال الإنسان محفوظة له عند الله بنص القرآن فهي باقية وإذا كانت صالحة فهي باقيات صالحات ، وهي عند الله خير ثوابا لأن الله يجازي الإنسان الجائي بها خير الجزاء ، وخير أملا لأن ما يؤمل بها من رحمة الله وكرامته ميسور للإنسان فهي أصدق أملا من زينات الدنيا وزخارفها التي لا تفي للإنسان في أكثر ما تعد ، والآمال المتعلقة بها كاذبة على الأغلب وما صدق منها غار خدوع.
وقد ورد من طرق الشيعة وأهل السنة عن النبي صلىاللهعليهوآله ومن طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهالسلام عدة من الروايات : أن الباقيات الصالحات التسبيحات الأربع : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وفي أخرى أنها الصلاة وفي أخرى مودة أهل البيت وهي جميعا من قبيل الجري والانطباق على المصداق.
* * *
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ