ضمير الجمع للناس والمراد بوعد الله على ما يعطيه السياق البعث ويكون قوله : « وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها » عطفا تفسيريا لسابقه.
وقوله : « إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ » ظرف لقوله : « أَعْثَرْنا » أو لقوله « لِيَعْلَمُوا » والتنازع التخاصم قيل : أصل التنازع التجاذب ويعبر به عن التخاصم وهو باعتبار أصل معناه يتعدى بنفسه ، وباعتبار التخاصم يتعدى بفي كقوله تعالى : « فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ » انتهى.
والمراد بتنازع الناس بينهم أمرهم تنازعهم في أمر البعث وإنما أضيف إليهم إشعارا باهتمامهم واعتنائهم بشأنه فهذه حال الآية من جهة مفرداتها بشهادة بعضها على بعض.
والمعنى على ما مر : وكما أنمناهم ثم بعثناهم لكذا وكذا أطلعنا الناس عليهم في زمان يتنازعون أي الناس بينهم في أمر البعث ليعلموا أن وعد الله بالبعث حق وأن الساعة لا ريب فيها.
أو المعنى أعثرنا عليهم ليعلم الناس مقارنا لزمان يتنازعون فيه بينهم في أمر البعث أن وعد الله بالبعث حق.
وأما دلالة بعثهم عن النوم على أن البعث يوم القيامة حق فإنما هو من جهة أن انتزاع أرواحهم عن أجسادهم ذاك الدهر الطويل وتعطيل شعورهم وركود حواسهم عن أعمالها وسقوط آثار القوى البدنية كالنشو والنماء ونبات الشعر والظفر وتغير الشكل وظهور الشيب وغير ذلك وسلامة ظاهر أبدانهم وثيابهم عن الدثور والبلى ثم رجوعهم إلى حالهم يوم دخلوا الكهف بعينها يماثل انتزاع الأرواح عن الأجساد بالموت ثم رجوعها إلى ما كانت عليها ، وهما معا من خوارق العادة لا يدفعهما إلا الاستبعاد من غير دليل.
وقد حدث هذا الأمر في زمان ظهر التنازع بين طائفتين من الناس موحد يرى مفارقة الأرواح الأجساد عند الموت ثم رجوعها إليها في البعث ومشرك (١) يرى
__________________
(١) وهذا مذهب عامة الوثنيين فهم لا يرون بطلان الإنسان بالموت وإنما يرون نفي البعث وإثبات التناسخ.