إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الميزان في تفسير القرآن [ ج ١٣ ]

174/408
*

« الْأَرْضِ » للعهد والمراد بها مكة ، والخلاف بمعنى بعد ، والمراد بالقليل اليسير من الزمان.

والمعنى وإن المشركين قاربوا أن يزعجوك من أرض مكة لإخراجك منها ولو كان منهم وخرجت منها لم يمكثوا بعدك فيها إلا قليلا فهم هالكون لا محالة.

وقيل : هؤلاء الذين كادوا يستفزونه هم اليهود أرادوا أن يخرجوه من المدينة وقيل : المراد المشركون واليهود أرادوا جميعا أن يخرجوه من أرض العرب.

ويبعد ذلك أن السورة مكية والآيات ذات سياق واحد وابتلاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باليهود إنما كان بالمدينة بعد الهجرة.

قوله تعالى : « سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً » التحويل نقل الشيء من حال ، إلى حال ، وقوله : « سُنَّةَ » أي كسنة من قد أرسلنا وهو متعلق بقوله : « لا يَلْبَثُونَ » أي لا يلبثون بعدك إلا قليلا كسنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا.

وهذه السنة وهي إهلاك المشركين الذين أخرجوا رسولهم من بلادهم وطردوه من بينهم سنة لله سبحانه ، وإنما نسبها إلى رسله لأنها مسنونة لأجلهم بدليل قوله بعد : « وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً » وقد قال تعالى : « وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ » إبراهيم : ١٣.

والمعنى : وإذا نهلكهم لسنتنا التي سنناها لأجل من قد أرسلنا قبلك من رسلنا وأجريناها ولست تجد لسنتنا تحويلا وتبديلا.

قوله تعالى : « أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً » قال في مجمع البيان ، : الدلوك الزوال ، وقال المبرد : دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها ، وقيل : هو الغروب وأصله من الدلك فسمي الزوال دلوكا لأن الناظر إليها يدلك عينيه لشدة شعاعها ، وسمي الغروب دلوكا لأن الناظر يدلك عينيه ليثبتها. انتهى.

وقال فيه : غسق الليل ظهور ظلامه يقال : غسقت القرحة إذا انفجرت فظهر