وقوله : ( وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ) إن كان المراد بالآيات المعجزات والخوارق ـ كما هو الظاهر ـ فالمراد بها الناقة وشربها وما ظهر لهم بعد عقرها إلى أن أهلكوا ، وقد تقدمت القصة في سورة هود ، وإن كان المراد بها المعارف الإلهية التي بلغها صالح عليهالسلام ونشرها فيهم أو المجموع من المعارف الحقة والآية المعجزة فالأمر واضح.
وقوله : ( وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ ) أي كانوا يسكنون الغيران والكهوف المنحوتة من الحجارة آمنين من الحوادث الأرضية والسماوية بزعمهم.
وقوله : ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ) أي صيحة العذاب التي كان فيها هلاكهم ، وقد تقدمت الإشارة إلى مناسبة اجتماع الأمن مع الصيحة في الآيتين لقوله في صدر الآيات : ( وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ ).
وقوله : ( فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) أي من الأعمال لتأمين سعادتهم في الحياة.
( بحث روائي )
في الدر المنثور ، أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مصعب بن ثابت قال : مر النبي صلىاللهعليهوآله على ناس من أصحابه يضحكون قال : اذكروا الجنة واذكروا النار فنزلت : ( نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ).
أقول : وفي معناه روايات أخر لكن في انطباق معنى الآية على ما ذكر فيها من السبب خفاء.
وفيه أخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد في قوله : ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) قال : هم المتفرسون.
وفيه ، أخرج البخاري في تاريخه والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم معا في الطب وابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال المتفرسين.