وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ » : الصف : ١١ ، والدليل عليه قوله بعد : « فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ » ، قيل : وإنما أمر بوضعه وتركه في سنبله لأن السنبل لا يقع فيه سوس ولا يهلك وإن بقي مدة من الزمان ، وإذا ديس وصفي أسرع إليه الهلاك.
والمعنى : ازرعوا سبع سنين متواليات فما حصدتم فذروه في سنبله لئلا يهلك واحفظوه كذلك إلا قليلا وهو ما تأكلون في هذه السنين.
قوله تعالى : « ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ » الشداد جمع شديد من الشدة بمعنى الصعوبة لما في سني الجدب والمجاعة من الصعوبة والحرج على الناس أو هو من شد عليه إذا كر ، وهذا أنسب لما بعده من توصيفها بقوله : « يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ ».
وعليه فالكلام يشتمل على تمثيل لطيف كان هذه السنين سباع ضارية تكر على الناس لافتراسهم وأكلهم فيقدمون إليها ما ادخروه عندهم من الطعام فتأكله وتنصرف عنهم.
والإحصان الإحراز والادخار ، والمعنى ثم يأتي من بعد ذلك أي ما ذكر من السنين الخصبة سبع سنين شداد يشددن عليكم يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحرزون وتدخرون.
قوله تعالى : « ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ » يقال : غاثه الله وأغاثه أي نصره ، ويغيثه بفتح الياء وضمها أي ينصره وهو من الغوث بمعنى النصرة وغاثهم الله يغيثهم من الغيث وهو المطر ، فقوله : « فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ » إن كان من الغوث كان معناه : ينصرون فيه من قبل الله سبحانه بكشف الكربة ورفع الجدب والمجاعة وإنزال النعمة والبركة ، وإن كان من الغيث كان معناه : يمطرون فيرتفع الجدب من بينهم.
وهذا المعنى الثاني أنسب بالنظر إلى قوله بعده : « وَفِيهِ يَعْصِرُونَ » ولا يصغي إلى قول من يدعي : أن المعنى الأول هو المتبادر من سياق الآية إلا على قراءة « يَعْصِرُونَ » بالبناء للمجهول ومعناه يمطرون.
وما أورده بعض المستشرقين على المعنى الثاني أنه لا ينطبق على مورد الآية فإن