أقول : العماء الغيم الذي يمنع نفوذ البصر فيه ، و « ما » في قوله : « ما تحته هواء وما فوقه هواء » موصولة والمراد بالهواء هو الخالي من كل شيء كما في قوله تعالى : « وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ » أو أنها نافية والمراد بالهواء معناه المعروف ، والمراد به أنه كان عماء لا يحيط به الهواء على خلاف سائر العماءات.
والرواية من أخبار التجسم ولذا وجه بأن قوله : في عماء إلخ كناية عن غيب الذات الذي تكل عنه الأبصار وتتحير فيه الألباب.
وفيه ، أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمران بن حصين قال : قال أهل اليمن : يا رسول الله أخبرنا عن أول هذا الأمر ـ كيف كان؟ قال : كان الله قبل كل شيء ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء ، وخلق السماوات والأرض. فنادى مناد : ذهبت ناقتك يا بن الحصين ـ فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب ـ فوالله لوددت أني تركتها.
أقول : وروى عدة من رجال الحديث هذه الرواية عن بريدة : وقال بريدة في آخرها : « ثم أتاني آت فقال : هذه ناقتك قد ذهبت ـ فخرجت والسراب ينقطع دونها ـ فلوددت أني كنت تركتها » وهذا مما يوهن الحديثين.
وفيه ، : في قوله تعالى : « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » : أخرج داود بن المحبر في كتاب العقل وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في التاريخ وابن مردويه عن ابن عمر قال : تلا رسول الله صلىاللهعليهوآله هذه الآية : « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » فقلت : ما معنى ذلك يا رسول الله؟ قال : ليبلوكم أيكم أحسن عقلا. ثم قال : وأحسنكم عقلا أورعكم عن محارم الله ـ وأعلمكم (١) بطاعة الله.
وفي الكافي ، مسندا عن سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قول الله عز وجل : « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » قال : قال : ليس يعني أكثركم عملا ـ ولكن أصوبكم عملا ، وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة.
__________________
(١) أعملكم ظ.