قالت الملائكة عند ذلك يا لوط : إنا رسل ربك طب نفسا إن القوم لن يصلوا إليك فطمسوا أعين القوم فعادوا عميانا يتخبطون وتفرقوا ( القمر : ٣٧ ).
ثم أمروا لوطا عليهالسلام أن يسري بأهله من ليلته بقطع من الليل ويتبع أدبارهم ولا يلتفت منهم أحد إلا امرأته فإنه مصيبها ما أصابهم ، وأخبروه أنهم سيهلكون القوم مصبحين ( هود : ٨١ ـ الحجر : ٦٦ ).
فأخذت الصيحة القوم مشرقين ، وأرسل الله عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين ، وقلب مدائنهم عليهم فجعل عاليها سافلها وأخرج من كان فيها من المؤمنين فلم يجد فيها غير بيت من المسلمين وهو بيت لوط وترك فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ( الذاريات : ٣٧ ـ وغيرها ).
وفي اختصاص الإيمان والإسلام بيت لوط عليهالسلام ، وشمول العذاب لمدائنهم دلالة ـ أولا ـ على أن القوم كانوا كفارا غير مؤمنين وثانيا ـ على أن الفحشاء ما كانت شائعة فيما بين الرجال منهم فحسب إذ لو كان الأمر على ذلك والنساء بريئات منها وكان لوط يدعو الناس إلى الرجوع إلى سبيل الفطرة وسنة الخلقة التي هي مواصلة الرجال والنساء لاتبعته عدة من النساء واجتمعن حوله وآمن به طبعا ، ولم يذكر من ذلك شيء في كلامه سبحانه.
وفي ذلك تصديق ما تقدم في الأخبار المأثورة أن الفحشاء شاعت بينهم ، واكتفى الرجال بالرجال باللواط ، والنساء بالنساء بالسحق.
٣ ـ شخصية لوط المعنوية : كان عليهالسلام رسولا من الله إلى أهل المؤتفكات وهي مدينة سدوم وما والاها من المدائن ـ ويقال : كانت أربع مدائن : سدوم وعمورة وصوغر وصبوييم وقد أشركه في جميع المقامات الروحية التي وصف بها أنبياءه الكرام.
ومما وصفه به خاصة ما في قوله : « وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ » الأنبياء : ـ ٧٥.
٤ ـ لوط وقومه في التوراة : ذكرت (١) التوراة أن لوطا كان ابن أخي
__________________
(١) الصحاح الحادي عشر والثاني عشر من سفر التكوين.