دواهي الهوى ودواعي أعراض الدنيا فيتثاقل عن الإيمان بالحق والإقبال على الخير ، ويورثه ذلك اليأس والقنوط.
ومما تقدم يظهر أن قوله : « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ » إلخ تعليل لقوله تعالى : « اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » على جميع التقادير من وجوه معناه.
وبذلك يظهر أيضا أن الآية أوسع معنى مما أورده المفسرون من تفسيرها : كقول من قال : إن المراد أن الله سبحانه أقرب إلى المرء من قلبه نظير قوله : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ، وفيه تحذير شديد.
وقول من قال : إن المراد أن القلب لا يستطيع أن يكتم الله حديثا فإن الله أقرب إلى قلب الإنسان من نفسه ، فما يعلمه الإنسان من قلبه يعلمه الله قبله.
وقول من قال : إن المراد أنه يحول بين المرء وبين الانتفاع بقلبه بالموت فلا يمكنه استدراك ما فات فبادروا إلى الطاعات قبل الحيلولة ودعوا التسويف ، وفيه حث على الطاعة قبل حلول المانع.
وقول من قال : معناه أن الله سبحانه يملك تقليب القلوب من حال إلى حال فكأنهم خافوا من القتال فأعلمهم الله سبحانه أنه يبدل خوفهم أمنا بأن يحول بينهم وبين ما يتفكرون فيه من أسباب الخوف.
وقد ورد في الحديث عن أئمة أهل البيت عليهالسلام أن المراد بذلك أن الله سبحانه يحول بين الإنسان وبين أن يعلم أن الحق باطل أو أن الباطل حق ، وسيجيء في البحث الروائي إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : « وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ » قرأ علي والباقر عليهالسلام من أئمة أهل البيت وكذا زيد بن ثابت والربيع بن أنس وأبو العالية على ما في المجمع : لتصيبن باللام ونون التأكيد الثقيلة ، والقراءة المشهورة : لا تصيبن بلا الناهية ونون التأكيد الثقيلة.
وعلى أي تقدير كان ، تحذر الآية جميع المؤمنين عن فتنة تختص بالظالمين منهم ، ولا يتعداهم إلى غيرهم من الكفار والمشركين ، واختصاصها بالظالمين من المؤمنين وأمر