وفر مالك بن عوف فدخل حصن الطائف ، وقتل منهم زهاء مائة رجل ، وأغنم الله المسلمين أموالهم ونساءهم ، وأمر رسول الله بالذراري والأموال أن تحدر إلى الجعرانة ، وولى على الغنائم بديل بن ورقاء الخزاعي ـ.
ومضى صلىاللهعليهوآله في أثر القوم ـ فوافى الطائف في طلب مالك بن عوف ـ فحاصر أهل الطائف بقية الشهر ـ فلما دخل ذو القعدة انصرف وأتى الجعرانة ، وقسم بها غنائم حنين وأوطاس ـ.
قال سعيد بن المسيب : حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقفوا لنا حلب شاة ـ فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم ـ حتى إذ انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فتلقانا رجال بيض الوجوه فقالوا لنا : شاهت الوجوه ارجعوا فرجعنا ـ فركبوا أكتافنا فكانوا إياها يعني الملائكة ـ.
قال الزهري : وبلغني أن شيبة بن عثمان ـ قال : استدبرت رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وأنا أريد أن أقتله بطلحة بن عثمان وعثمان بن طلحة ـ وكانا قد قتلا يوم أحد فأطلع الله رسوله على ما في نفسي ـ فالتفت إلي وضرب في صدري ، وقال : أعيذك بالله يا شيبة فأرعدت فرائصي ـ فنظرت إليه وهو أحب إلي من سمعي وبصري ـ فقلت : أشهد أنك رسول الله ، وأن الله أطلعك على ما في نفسي ـ.
وقسم رسول الله صلىاللهعليهوآله الغنائم بالجعرانة ـ وكان معه من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء ، ومن الإبل والشاة ما لا يدرى عدته.
قال أبو سعيد الخدري : قسم رسول الله صلىاللهعليهوآله للمتألفين من قريش ـ ومن سائر العرب ما قسم ، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير ـ فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فقال : يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار ـ وجدوا عليك في قسمك هذه الغنائم في قومك ـ وفي سائر العرب ولم يكن فيهم من ذلك شيء ـ فقال صلىاللهعليهوآله : فأين أنت من ذلك يا سعد؟ فقال : ما أنا إلا امرؤ من قومي ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة ـ فجمعهم فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله فقام فيهم خطيبا ـ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
يا معشر الأنصار أولم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف