حيي بن أخطب رئيس بني النضير ركب إلى مكة وحث قريشا على النبي صلىاللهعليهوآله وحزب الأحزاب ، وفي ذلك ركب إلى بني قريظة وجاءهم في ديارهم فلم يزل يوسوس إليهم ويعزهم ويلح عليهم ويكلم رئيسهم كعب بن أسد في ذلك ونقض العهد ومناجزة النبي صلىاللهعليهوآله حتى أرضاهم بذلك واشترطوا عليه أن يدخل في حصنهم فيصيبه ما أصابهم فقبل ودخل.
فنقضوا العهد ومالوا إلى الأحزاب الذين حاصروا المدينة وأظهروا سب النبي صلىاللهعليهوآله وأحدثوا ثلمة أخرى.
فلما فرغ النبي صلىاللهعليهوآله من أمر الأحزاب أتاه جبرئيل بوحي من الله يأمره بالمسير إليهم فسار إليهم ويحمل رايته علي عليهالسلام ونازل حصون بني قريظة ، وحصرهم خمسة وعشرين يوما.
فلما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد أن يختاروا أحد ثلاث خصال : إما أن يسلموا ويدخلوا في دين محمد ، وإما أن يقتلوا ذراريهم ويخرجوا إليه بسيوفهم مصلتة يناجزونه حتى يظفروا به أو يقتلوا عن آخرهم ، وإما أن يهجموا عليه ويكسبوه يوم السبت لأنهم ـ يعني المسلمين ـ قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه!.
فأبوا عليه أن يجيبوه إلى واحدة منهن فبعثوا إلى النبي صلىاللهعليهوآله أن أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر نستشيره في الأمر ؛ وكان أبو لبابة مناصحا لهم لأن عياله وذريته وماله كانت عندهم.
فأرسله إليهم فلما رأوه قاموا إليه يبكون ، وقالوا : له كيف ترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه : أنه الذبح ، قال أبو لبابة : فوالله ما زلت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله ، وأوحى الله إلى نبيه صلىاللهعليهوآله في أمر أبي لبابة.
فندم أبو لبابة ومضى على وجهه حتى أتى المسجد وربط نفسه على سارية من سواري المسجد تائبا لله ، وحلف ألا يحله إلا النبي صلىاللهعليهوآله أو يموت ، فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فقال : دعوه حتى يتوب الله عليه ، ثم إن الله تاب عليه وأنزل توبته وحله النبي صلىاللهعليهوآله.
ثم إن بني قريظة نزلوا على حكم النبي صلىاللهعليهوآله ، وكانوا موالي أوس فكلمته أوس في أمرهم مستشفعين وآل الأمر إلى تحكيم سعد بن معاذ الأوسي في أمرهم ورضوا