طينة الجنة ، وخلق من أبغض مما أبغض ـ وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ـ ثم بعثهم في الظلال فقيل : وأي شيء الظلال؟ قال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شيء وليس بشيء ـ ثم بعث معهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله ـ وهو قوله : « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ » ، ثم دعوهم إلى الإقرار فأقر بعضهم وأنكر بعض ، ثم دعوهم إلى ولايتنا ـ فأقر بها والله من أحب ، وأنكرها من أبغض ، وهو قوله : « فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ » ثم قال أبو جعفر عليهالسلام : كان التكذيب.
أقول : والرواية وإن لم تكن مما وردت في تفسير آية الذر غير أنا أوردناها لاشتمالها على قصة أخذ الميثاق ، وفيها ذكر الظلال ، وقد تكرر ذكر الظلال في لسان أئمة أهل البيت عليهالسلام والمراد به ـ كما هو ظاهر الرواية ـ وصف هذا العالم الذي هو بوجه عين العالم الدنيوي وبوجه غيره ، وله أحكام غير أحكام الدنيا بوجه وعينها بوجه فينطبق على ما وصفناه في البيان المتقدم.
وفي الكافي ، وتفسير العياشي ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : كيف أجابوا وهم ذر؟ قال : جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه. وزاد العياشي : يعني في الميثاق.
أقول : وما زاده العياشي من كلام الراوي ، وليس المراد بقوله « جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه » دلالة حالهم على ذلك بل لما فهم الراوي من الجواب ما هو من نوع الجوابات الدنيوية استبعد صدوره عن الذر فسأل عن ذلك فأجابه عليهالسلام بأن الأمر هناك بحيث إذا نزلوا في الدنيا كان ذلك منهم جوابا دنيويا باللسان والكلام اللفظي ويؤيده قوله عليهالسلام ما إذا سألهم ، ولم يقل : ما لو تكلموا ونحو ذلك.
وفي تفسير العياشي ، أيضا عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله : « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » قالوا بألسنتهم؟ قال نعم وقالوا بقلوبهم. فقلت : وأين كانوا يومئذ؟ قال : صنع منهم ما اكتفى به.
أقول : جوابه عليهالسلام أنهم قالوا : بلى بألسنتهم وقلوبهم مبني على كون وجودهم يومئذ بحيث لو انتقلوا إلى الدنيا كان ذلك جوابا بلسان على النحو المعهود في الدنيا لكن