ومعنى « عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا » كفوا عن الصيد الذي نهوا عنه ولا حاجة حينئذ إلى تقدير الترك ونحوه في الكلام ويبقى لبيان عذاب الفرقة الأخرى قوله في الآية السابقة.
ولا مانع من هذا المعنى إلا أن مقتضى المقام أن يذكر السبب لعذاب الساكتين كفهم عن موعظة الفاعلين لا عتوهم عما نهوا عنه مع ما في استعمال العتو في مورد الكف والإعراض من البعد ، والرواية مع ذلك ضعيفة وقد رواها الصدوق بالسند بعينه عن طلحة عن أبي جعفر عليهالسلام في الآية وفيها : قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف ائتمروا وأمروا ، وصنف ائتمروا ولم يأمروا ، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا وورواها العياشي عن طلحة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهالسلام في الآية قال : افترق القوم ثلاث فرق فرقة انتهت واعتزلت ، وفرقة أقامت ولم يقارف الذنوب ، وفرقة اقترفت الذنوب ـ فلم ينج من العذاب إلا من انتهت ـ قال جعفر : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : ما صنع بالذين أقاموا ولم يقارفوا الذنوب؟ قال أبو جعفر عليهالسلام : بلغني أنهم صاروا ذرا ، والظاهر أنها جميعا رواية واحدة على ما في سندها من الضعف ، وفي متنها من التشويش والاختلاف.
وفي الكافي ، بإسناده عن إسحاق بن عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إن الله خص عباده بآيتين من كتابه : أن لا يقولوا حتى يعلموا ، ولا يردوا ما لم يعلموا قال الله عز وجل : « أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ ـ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ » وقال : « بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ».
أقول : ورواه العياشي عن إسحاق عنه عليهالسلام ، وروي مثله عن إسحاق بن عبد العزيز عن أبي الحسن الأول عليهالسلام.
وفي تفسير القمي : في معنى قوله تعالى : « وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ » الآية ـ قال الصادق عليهالسلام : لما أنزل الله التوراة على بني إسرائيل لم يقبلوه ـ فرفع الله عليهم جبل طور سيناء ـ فقال لهم موسى : إن لم تقبلوا وقع عليكم الجبل ـ فقبلوه وطأطئوا رءوسهم.
وفي الإحتجاج ، عن أبي بصير قال : كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي عليهالسلام جالسا في الحرم ـ وحوله جماعة من أوليائه ـ إذ أقبل طاووس اليماني في جماعة من أصحابه. ثم قال لأبي جعفر عليهالسلام : أتأذن لي في السؤال؟ قال : أذنا لك فاسأل. فسأله عن سؤال