أو غيره بما أوعد الله الظالمين ، وذكره شيئا من سوء عاقبة المجرمين قال : إن الله غفور رحيم يتخلص به من اللوم ، ويخلص به إلى صافي لذائذه الدنية فليس ما يتظاهر به رجاء صادقا بل أمنية نفسانية كاذبة ، وتسويل شيطاني موبق فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
وقوله : « وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ » أي لم يقنعوا بما أخذوه من العرض بمرة حتى يكون تركهم ذلك ورجوعهم إلى اتقاء محارم الله نحوا من التوبة ، وقولهم : « سَيُغْفَرُ لَنا » نوعا من الرجاء يتلبس به التائبون بل كلما وجدوا شيئا من عرض الدنيا أخذوه من غير أن يراقبوا الله تعالى فيه فالجملة أعني قوله : « وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ » في معنى قوله تعالى في وصفهم في موضع آخر : « كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ » : المائدة : ٧٩.
وقوله : « وَدَرَسُوا ما فِيهِ » كان الواو للحال ، والجملة حال عن ضمير « عَلَيْهِمْ » وقيل الجملة معطوفة على قوله : « وَرِثُوا الْكِتابَ » في صدر الآية ، ولا يخلو من بعد.
والمعنى : « فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ » أي من بعد هؤلاء الأسلاف من بني إسرائيل وحالهم في تقوى الله واجتناب محارمه ما وصف « خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ » وتحملوا ما فيه من المعارف والأحكام والمواعظ والعبر ، وكان لازمه أن يتقوا ويختاروا الدار الآخرة ، ويتركوا أعراض الدنيا الفانية الصارفة عما عند الله من الثواب الدائم « يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى » وينكبون على اللذائذ الفانية العاجلة ، ولا يبالون بالمعصية وإن كثرت « وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا » قولا بغير الحق ولا يرجعون عن المعصية بالمرة والمرتين بل هم على قصد العود إليها كلما أمكن « وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ » ولا يتناهون عما اقترفوه من المعصية.
« أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ » وهو الميثاق المأخوذ عليهم عند حملهم إياه « أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ » والحال أنهم درسوا ما فيه ، وعلموا بذلك أن قولهم : « سَيُغْفَرُ لَنا » قول بغير الحق ليس لهم أن يتفوهوا به ، وهو يجرئهم على معاصي الله وهدم أركان دينه. « و » الحال أن « الدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ » لدوام ثوابها وأمنها من كل مكروه « أَفَلا تَعْقِلُونَ ».