وسنبحث عن بشاراته عليهالسلام الواقعة في كتبهم المقدسة بما تيسر من البحث إن شاء الله العزيز.
غير أنه تعالى لم يقل : مصدقا لما بين يديه بدل قوله : « يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ » الآية لأن وجه الكلام إلى جميع الناس دون أهل الكتاب خاصة ، ولذا أمر نبيه صلىاللهعليهوآله في الآية التالية بقوله : « قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً » ولم يقيد الكلام في قوله : « فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ » إلخ بما يختص به بأهل الكتاب.
قوله تعالى : « فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ » إلى آخر الآية التعزير النصرة مع التعظيم ، والمراد بالنور النازل معه القرآن الكريم ذكر بنعت النورية ليدل به على أنه ينير طريق الحياة ، ويضيء الصراط الذي يسلكه الإنسان إلى موقف السعادة والكمال ، والكلام في هذا الشأن.
وفي قوله تعالى : « أُنْزِلَ مَعَهُ » ولم يقل : أنزل عليه أو أنزل إليه و « مع » تدل على المصاحبة والمقارنة تلويح إلى معنى الأمارة والشهادة التي ذكرناها كأنه قيل : واتبعوا النور الذي أنزل عليه وهو بما يحتوي عليه من كمال الشرائع السابقة ، ويظهره بالإضاءة شاهد على صدقه ، وأمارة أنه هو الذي وعد به أنبياؤهم ، وذكر لهم في كتبهم فقوله : « مَعَهُ » حال من نائب فاعل « أُنْزِلَ ». وقد وقع نظيره في قوله تعالى : « فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ » : البقرة : ٢١٣.
وقد اختلف المفسرون في توجيه هذه المعية ومعناها : فقيل : إن الظرف ـ « مَعَهُ » ـ متعلق بأنزل ، والكلام على حذف مضاف أي مع نبوته أو إرساله صلىاللهعليهوآله لأنه لم ينزل معه ، وإنما أنزل مع جبرئيل ، وقيل : متعلق بـ « اتَّبَعُوا » والمعنى شاركوا النبي عليهالسلام في اتباعه ، أو المعنى اتبعوا القرآن مع اتباعهم له وقيل : حال عن فاعل « اتَّبَعُوا » ، والمعنى اتبعوا القرآن مصاحبين للنبي صلىاللهعليهوآله في اتباعه ، وقيل : « مع » هنا بمعنى على ، وقيل : بمعنى عند ، ولا يخفى بعد الجميع.
وقوله : « فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ » الآية بمنزلة التفسير لقوله في صدر الآية : « الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ » وأن المراد باتباعه حقيقة اتباع كتاب