عهدا إن كشفت عنهم آمنوا به وأرسلوا معه بني إسرائيل فلما كشفت نكثوا ونقضوا وعلى هذا القياس.
قوله تعالى : « وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ » إلى آخر الآية. الرجز هو العذاب ويعني به العذاب الذي كانت تشتمل عليه كل واحدة من الآيات المفصلات فإنها آيات عذاب ونكال وقوله : « بِما عَهِدَ عِنْدَكَ » على ما يؤيده المقام أي بما التزم عندك أن لا يرد دعاءك فيما تسأله ، واللام عندئذ للقسم ، والمعنى ادع لنا ربك بالعهد الذي له عندك.
وقوله : « لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ » هو ما عاهدوا به موسى لكشف الرجز عنهم.
قوله تعالى : « فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ » النكث نقض العهد ، وقوله : « إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ » متعلق بقوله : « كَشَفْنا » وهو يدل على أنه كان يضم إلى معاهدة أجل مضروب كأن يقول موسى عليهالسلام إن الله سيرفع العذاب عنكم بشرط أن تؤمنوا وترسلوا معي بني إسرائيل إلى أجل كذا ، أو يقول آل فرعون ما يشابه هذا المعنى فلما كشف العذاب عنهم وحل الأجل المضروب نكثوا ونقضوا عهدهم الذي عاهدوا الله وعاهدوا موسى عليه. والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ » اليم البحر ، والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا » إلى آخر الآية. الظاهر أن المراد بالأرض أرض الشام وفلسطين ويؤيده أو يدل عليه قوله بعد : « الَّتِي بارَكْنا فِيها » فإن الله سبحانه لم يذكر بالبركة غير الأرض المقدسة التي هي نواحي فلسطين إلا ما وصف به الكعبة المباركة ، والمعنى : أورثنا بني إسرائيل وهم المستضعفون الأرض المقدسة بمشارقها ومغاربها ، وإنما ذكرهم بوصفهم فقال : القوم الذين كانوا يستضعفون ليدل على عجيب صنعه تعالى في رفع الوضيع ، وتقوية المستضعف ، وتمليكه من الأرض ما لا يقدر على مثله عادة إلا كل قوي ذو أعضاد وأنصار.
وقوله : « وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى » الآية يريد به ما قضاه في حقهم أنه سيورثهم الأرض ويهلك عدوهم ، وإليه إشارة موسى عليهالسلام في قوله لهم وهو يسليهم