بخلاف طينة الشقاوة الملازمة للجعل الذي هو ظلمة وعمى فطينة السعادة نورا ، وكثيرا ما يسمى القرآن العلم والهدى نورا كما يسمى الايمان حياة قال تعالى : « أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها » الانعام : ١٢٢.
وقال : الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات البقرة : ٢٥٧ ، وفي كون النور أصلا لخلقة طائفة من الموجودات كالأنبياء والملائكة واللوح والقلم والعرش والكرسي والجنة أخبار كثيرة أخرى سيأتي بعضها فيما سيأتي إن شاء الله.
ومنها : ما دل على لحوق الأشقياء بالسعداء يوم القيامة وبالعكس كما في العلل بإسناده عن إبراهيم الليثي عن الباقر عليه السلام في حديث طويل : ثم قال : أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان أهو بائن من القرص؟ قلت : في حال طلوعه بائن. قال : أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه؟ قلت : نعم. قال : كذلك يعود كل شئ إلى سنخه وجوهره وأصله فإذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل سنخ الناصب وطينته مع أثقاله وأوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب ، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن.
أفترى هينها ظلما وعدوانا؟ قلت : لا يا ابن رسول الله. قال : هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع ، والعدل البين ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون هذا يا إبراهيم الحق من ربك فلا تكن من الممترين ، هذا من حكم الملكوت.
قلت : يا ابن رسول الله وما حكم الملكوت؟ قال : حكم الله وحكم أنبيائه وقصة الخضر وموسى حين استصحبه فقال : إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا افهم يا إبراهيم واعقل ، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله حتى قال له الخضر : يا موسى ما فعلته عن أمري ، وإنما فعلته عن أمر الله عز وجل الحديث.
أقول : الرواية تبني البيان على قوله تعالى : ليميز الله الخبيث من الطيب ، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم الأنفال : ٣٧ ، وآيات