أو المرفق ـ لم يبق له يد يسجد عليها ، وقال الله تبارك وتعالى : « وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ » يعني هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها « فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً » وما كان لله لم يقطع.
قال : فأعجب المعتصم ذلك ـ فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف. قال ابن أبي دواد : قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حيا ـ.
قال ابن أبي زرقان : إن ابن أبي دواد قال : صرت إلى المعتصم بعد ثالثة فقلت : إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة ـ وأنا أكلمه بما أعلم أني أدخل به النار قال : وما هو؟
قلت : إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه ـ فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر واقع من أمور الدين ـ فسألهم عن الحكم فيه ـ فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك ، وقد حضر المجلس بنوه وقواده ووزراؤه وكتابه ، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ـ ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل ـ يقول شطر هذه الأمة بإمامته ، ويدعون أنه أولى منه بمقامه ـ ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟ قال : فتغير لونه ، وانتبه لما نبهته له ، وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيرا.
قال : فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه ـ بأن يدعوه إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه ، وقال : قد علمت أني لا أحضر مجالسكم ـ فقال : إني إنما أدعوك إلى الطعام ـ وأحب أن تطأ ثيابي وتدخل منزلي فأتبرك بذلك ـ وقد : أحب فلان بن فلان ـ من وزراء الخليفة لقائك فصار إليه ـ فلما أطعم منها أحس مآلم السم ـ فدعا بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم ـ قال : خروجي من دارك خير لك ، فلم يزل يومه ذلك وليلته في خلفه حتى قبض.
أقول : ورويت القصة بغيره من الطرق ، وإنما أوردنا الرواية بطولها كبعض ما تقدمها من الروايات المتكررة لاشتمالها على أبحاث قرآنية دقيقة يستعان بها على فهم الآيات.
وفي الدر المنثور ، أخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر : أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فقطعت يدها اليمنى ـ فقالت : هل لي من توبة يا رسول الله؟ قال : نعم ـ أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك ، فنزل الله في سورة المائدة : « فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ».
أقول : الرواية من قبيل التطبيق واتصال الآية بما قبلها ، ونزولهما معا ظاهر.