*ألا طالَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ* (١)
فالألف تأسيسٌ ، والنون تَوجيه ، والباء حرف الروِىِّ ، والهاء صِلَة ، قال الأخفشُ :
التوجِيهُ : حرَكةُ الحرْف الذى إلى جَنْب الرَّوِىّ المُقَيَّد لا يجوز مع الفتحِ غَيرُه ، نحو :
*قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإلهُ فَجَبَرْ* (٢)
التزم الفتح فيها كُلِّها ، ويجوز معها الكسر والضم فى قصيدةٍ واحدة كما مثَّلنا ، وقال ابن جِنِّى : أصلُه من التَّوْجِيه ، كأن حرف الرَّوِىّ مُوَجَّه عندهم ، أى كأنَّ له وَجْهَينِ : أحدهما من قَبْلِه والآخر من بَعدِه ، ألا ترى أنهم استَكرَهوا اختلافَ الحركةِ من قَبْلِه ما دام مُقَيَّدا ، نحو « الحَمِقْ » و « العُقُقْ » و « المُخْترَقْ » كما يَستقبِحون اختلافَها فيه ما دام مُطلقاً ، نحو قوله :
*عَجْلانَ ذا زادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ* (٣)
مع قوله فيها :
*وبذاكَ خَبَّرنا الغُرابُ الأسوَدُ* (٤)
وقوله :
*عَنَمٌ يكادُ مِن اللَّطافَةِ يُعقَدُ* (٥)
فلذلك سُمّيت الحركةُ قبل الرَّوِىِّ المقيَّدِ تَوجِيهاً إعلاماً أن للرَّوِىّ وَجهينِ فى حالينِ مُختلفينِ ، وذلك أنه إذا كان مُقيَّدا فله وجهٌ يتقدَّمه ، وإذا كان مُطلقا فلهُ وَجهٌ يتَأَخَّرُ عنه ، فَجرى مَجرَى الثوبِ المُوَجَّه ونحوِه ، قال : وهذا أمثَلُ عندى مِن قَوْلِ من قال : إنما سُمِّى تَوجيهاً لأنه يجوز فيه وُجوهٌ من اختلافِ الحركات ، لأنه لو كان كذلك لما تَشدَّدَ الخليلُ فى اختلافِ الحركات قَبلَه ، ولما فَحُشَ ذلك عنده.
* والوَجِيهَةُ : ضَرْبٌ من الخَرزِ.
* وبنو وَجِيهةَ : بَطْنٌ.
__________________
(١) فى لسان العرب (وجه) بلا نسبة.
(٢) الرجز للعجاج فى ديوانه (١ / ٢) ؛ ولسان العرب (جبر) ، (وصل) ؛ وأساس البلاغة (جبر) ؛ وتاج العروس (جبر) ، (وصل) ؛ وتهذيب اللغة (١١ / ٦٠) ؛ وكتاب العين (٦ / ١١٦) ؛ وبلا نسبة فى لسان العرب (وجه) ؛ وجمهرة اللغة ص ٢٦٥ ؛ ومقاييس اللغة (١ / ٥٠١) ، (٤ / ١٨٦).
(٣) عجز بيت للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٨٩ ؛ ولسان العرب (قوا) ؛ وبلا نسبة فيه (وجه).
(٤) عجز بيت للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٨٩ ؛ ولسان العرب (وجه).
(٥) عجز بيت للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٩٣ ؛ ولسان العرب (عنم) ؛ وتاج العروس (عنم).